ورواه حماد، عن بديل بن ميسرة، وحميد عن ابن شقيق فذكره سواء، قال: فيشبه أن يكون الحديث كان عند حفص، عن حميد على ما هو عند الناس، وكان عنده عن ليث، عن مجاهد، وعن حجاج، عن حماد، عن سعيد بن جبير في التربع في الصلاة، فذاكر أبا داود الحفري من حفظه فتوهم، أن ذكر التربع في حديث حميد فاختصر الحديث وألحق فيه التربع توهماً وغلطاً إن كان حفظ ذلك عنه أبو داود، وذلك أنه ليس بمعروف من حديث حفص لا نعلم أحدا رواه عنه غير أبي داود رحمه الله، ولو كان من صحيح حديث حفص لرواه الناس عنه وعرفوه إذ هو حديث لم يروه غيره.
والذي يعرف من حديث حفص في التربع، عن حجاج، عن حماد، عن مجاهد قال:" علمنا سعيد بن جبير صلاة القاعد فقال: يجعل قيامه تربعاً "
وحفص عن ليث، عن مجاهد رحمه الله قال:" صلاة القاعد غير المتربع على النصف من صلاة القائم " قال: وكان حفص رجلاً إذا حدث من حفظه ربما غلط، هو معروف بذلك عند أصحاب الحديث.
قال: وحديث آخر أيضا رواه شريك عن ليث، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها رفعته، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ:" صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير المتربع " غلط فيه شريك: وهذا الكلام رواه الناس عن ليث، عن مجاهد من قوله.
قال محمد بن يحيي: الحمل فيه على شريك قال ففعل شريك في هذا الحديث كفعل حفص في حديث حميد، وشريك معروف عند أصحاب الحديث بسوء الحفظ وكثرة الغلط، قال: فلم يثبت في كيفية جلوس المصلي قاعداً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ خبر، ولو كان في كيفية الجلوس سنة لا ينبغي أن تجاوز لبين ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ ولو بينه لرواه أصحابه عنه وبينوه، فإذا كان ذلك كذلك فللمصلي جالساً أن يجلس كيف خف عليه وتيسر إن شاء تربع وإن شاء احتبى، وإن شاء جلس في حال القراءة كما يجلس للتشهد وبين السجدتين وإن شاء اتكأ، كل ذلك قد فعله السلف من التابعين ومن بعدهم، غير أن