وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما، فقد احتجا جميعا بمالك بن سعير، والتفرد
من الثقات مقبول ". ووافقه الذهبي.
وأقول: مالك بن سعير صدوق كما قال أبو زرعة وأبو حاتم، لكن البخاري لم يحتج
به، وإنما أخرج له متابعة، ومسلم إنما روى له في " المقدمة "، فمثله يحتج
به إذا تفرد ولم يخالف، فإن رجحنا رواية وكيع المرسلة، فيكون مالك قد خالفه
فتكون روايته شاذة، ورواية وكيع المرسلة هي المحفوظة، وإن رجحنا رواية وكيع
الموصولة فتتفق الروايتان، ويكون كل منهما شاهدا للآخر، وهذا هو الأرجح
عندي، لأن اتفاق ثلاثة من الرواة على روايته عن وكيع موصولا، يبعد في العادة
أن يتفقوا على الخطأ، ولو كان في بعضهم ضعف بدون تهمة، أو في بعض الرواة عنه
فإذا انضم إلى ذلك رواية مالك بن سعير قوي الحديث وارتقى إلى درجة الحسن
أو الصحة، والله أعلم.
(فائدة)
قال الرامهرمزي عقب الحديث: " واتفقت ألفاظهم (يعني الرواة عن أبي الخطاب)
في ضم الميم من قوله:
" مهداة " إلا أن البرتي قال: " مهداة " بكسر الميم من الهداية، وكان ضابطا
فهما متفوقا في الفقه واللغة، والذي قاله أجود في الاعتبار لأنه بعث صلى
الله عليه وسلم هاديا كما قال عز وجل (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) ،
وكما قال جل وعز (إنا أنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس) و (لتخرجهم من
الظلمات إلى النور) وأشباه ذلك. ومن رواه بضم الميم إنما أراد أن الله
أهداه إلى الناس. وهو قريب ".