جهة أخرى- غير الأكثر والأوثق- بأن يقال: إن هؤلاء معهم زيادة، وزيادة الثقة مقبولة. وفي الجواب التالي ما يؤكد ذلك.
وأما الجواب عن الوجه الثالث؛ فهو عند البيهقي نفسه؛ فإنه بعد أن ساق رواية عبد الله بن المؤمل وضعفه؛ قال معقباً عليه:
"إلا أن إبراهيم بن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميد، وأقام إسناده ".
ثم ساقه عنه: ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال:
جاءنا أبو ذر، فأخذ بحلقة الباب، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بأذني هاتين ... فذكر حديث الترجمة بالزيادة.
ثم أعله بضعف (حميد) - وسبق الجواب عنه-، وبالانقطاع، وبقوله:
"ومجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر، وقوله: "جاءنا" يعني: جاء بلدنا. والله أعلم"!
لقد صرح مجاهد بقوله:"جاءنا أبو ذر"؛ فهذا تصريح منه بلقياه إياه وسماعه منه في مكة، ومجاهد مكي كما هو معروف، والسند إليه بذلك صحيح، والتأويل الذي ذكره البيهقي؛ إنما يصح المصير إليه؛ إذا ثبت بإسناد صحيح أيضاً ولا يقبل التأويل، كما لو ثبت أنه ولد بعد وفاة أبي ذر، أو كان صغيراً، أو نحو ذلك من الأمور التي يصلح الاعتماد عليها بعد ثبوتها؛ ففي هذه الحالة يمكن القول بالتأويل المذكور. والله أعلم.
ومع ذلك؛ فمن المسلَّم عند العلماء أن مراسيل مجاهد خير من مراسيل غيره من التابعين كعطاء وغيره، فإن لم يثبت سماعه للحديث من أبي ذر؛ فهو مرسل صحيح، يمكن تقويته ببعض الشواهد: