الحديث هذا:" فمن لم يصدق بهذا الحديث؛ فليقرأ هذه الآية:(إن الله لا يظلم مثقال ذرة..) ". وبالنظر إلى تركه الصلاة فهو مشابه للكفار عملاً؛ الذين
يتحسرون يوم القيامة؛ فيقولون وهم في سقر:(لم نك من المصلين. ولم نك
نطعم المسكين) ؛ فكفره كفر عملي؛ لأنه عمل عمل الكفار؛ فهو كالتارك للزكاة؛
وقد صح الحديث أيضاً أن مانع الزكاة يعذب يوم القيامة بماله الذي كان منعه، ثم يساق إما إلى الجنة وإما إلى النار، ولكن المؤلف المشار إليه- هدانا الله وإياه-تأول هذا الحديث كما تأول حديث المانع للزكاة تأويلاً عطل دلالته الصريحة على ما ذهبنا إليه من الفرق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي؛ مع أنه قد صح هذا عن ابن عباس وبعض تلامذته، وجرى عليه من بعدهم من أتباع السلف؛ كابن القيم
وشيخه؛ كما تقدم في هذا البحث؛ ومع ذلك لم يعرج عليه المومى إليه مطلقاً
ولو لرده؛ ولا سبيل له إليه! والله عز وجل يقول:(أفنجعل المسلمين كالمجرمين.
مالكم كيف تحكمون) ؟ وكذلك صرف المؤلف المذكور نظره عن حديث:" إن
للإسلام صوى.." الصريح في التفريق بين: " من ترك سهماً؛ فهو سهم من
الإسلام تركه "؛ وبين " من ترك الأسهم كلها؛ فقد نبذ الإسلام كله "؛ فلم
يتعرض له بجواب. ولا أستبعد أن يحاول تأويله أو تضعيفه؛ كما فعل بغيره من
الأحاديث الصحيحة.
وبالجملة؛ فمجال الرد عليه واسع جداً، ولا أدري متى تسنح لي الفرصة للرد عليه، وبيان ما يؤخذ عليها فقهاً وحديثاً؟ وإن كنت أشكر له أدبه ولطفه وتبجيله لكاتب هذه الأحرف، ودفاعه عن عقيدة أهل الحديث في أن الإيمان يزيد وينقص؛ وإن كان قد اقترن به أحياناً شيء من الغلو والمخالفة؛ والاتهام بالإرجاء؛ مع أنه يعلم أنني أخالفهم مخالفة جذرية؛ فأقول: الإيمان يزيد وينقص؛ وإن