للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فظاهره أنه غير الرجل الأول؛ وأكد ذلك بقوله في رواية ابن جرير:

".... قال: يؤتى برجل ".

فهذا صريح في أنه رجل آخر غير الأول؛ لأنه استأنف الحديث عنه، وفصله

عن الذي قبله، وأكد ذلك وكيع في حديث الترجمة؛ فإنه ابتدأ الحديث عنه دون الرجل الأول.

وأما أن رواية ابن نمير والحماني مشكلة؛ فمما لا يخفى على المتأمل؛ فإنها تدل على أن الرجل مع كونه قد بدلت سيئاته حسنات؛ فهو آخر من يخرج من النار، وآخر من يدخل الجنة! وهذا مما لا يستقيم في العقل.

وقد تكلم العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه "طريق الهجرتين " (ص ٢٤٧- ٢٥٠) ، ورد على من احتج بالحديث (حديث مسلم) أن التبديل المذكور في آية الفرقان: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) ، إنما هو يوم القيامة، ورجح أن ذلك في الدنيا بتحول التائب من أعماله القبيحة إلى أضدادها وهي حسنات، فأصاب في ذلك وأجاد، ولكنه لم يتعرض لإزالة الإشكال؛ بل إنه قال في صدد الرد المذكور (ص ٢٤٨) :

"وهو صريح في أن هذا الذي قد بدلت سيئاته حسنات قد عذب عليها في النار؛ حتى كان آخر أهلها خروجاً منها، فهذا قد عوقب على سيئاته، فزال أثرها بالعقوبة، فبدل مكان كل سيئة بحسنة"!

فهذا إشكال جديد في كلامه، فإنه يؤكد أن التبديل كان بعد العقوبة!!

وقد أكد الإشكال ابن جرير رحمه الله؛ فإنه قال بعد أن رجح تفسير الآية بما تقدم عن ابن القيم:

<<  <  ج: ص:  >  >>