قلت: وهذا توثيق منه معتبر قائم على سبر حديث الرجل، وليس على أصله الشاذ القائم على توثيق المجهولين، فانتبه، فالإسناد صحيح لا غبار عليه، ولذلك قلت: لعل الهيثمي لم يتنبه له ولم نره عيَّنه كما ذكرت آنفاً.
ثم بدا لي شيء أخر، وهو أنه لعله لم يقف على توثيق ابن حبان المذكور؛ فقد مر بي كثير من الرواة لم يعرفهم الهيثمي، مع أنهم مترجمون في كتاب "ثقات ابن حبان " الذي عني هو به عناية خاصة، فرتبه على الحروف تسهيلاً للمراجعة!
ثم قوي عندي هذا الاحتمال حينما وجدته قال في حديث آخر للبزار (١٤٤٥) أورده في " المجمع "(٤/٢٦٢) :
"رواه البزار عن أحمد بن بكار الباهلي، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ".
فتعقبه الحافظ في "مختصر الزوائد" فقال (١/٥٦٨) :
"قلت: هو ثقة، ولكن قد بين البزار علة هذا الإسناد؛ فقال: أخطأ فيه عثمان بن عثمان؛ إنما يرويه هشام عن أبيه عن حجاج بن حجاج عن أبيه ".
قلت: وحجاج بن حجاج هذا مجهول، لم يرو عنه غير عروة، وقد أخطأ بعض المتأخرين فصحح حديثه، وقد شرحت ذلك في "ضعيف أبي داود"(٣٥١) .
وخلاصة هذا الوجه الثاني؛ أن إسناد البزار صحيح، ما كان ينبغي للهيثمي
أن يسكت عنه.
والوجه الثالث: أنه لم ينبه على اختلاف متن الطبراني عن متن البزار، وأنه كان ينبغي أن يسوق متن الأول لثقة رجاله عنده دون متن الآخر، والله الهادي.