فهو من تساهله الذي عرف به، فإن كلا من
عبد الرحمن السمعي ودلهم بن الأسود وأبيه ثلاثتهم لا يعرفون إلا بهذا الإسناد
، وقد صرح الذهبي في " الميزان " في ترجمة دلهم بأنه لا يعرف. وأشار فيه إلى
أن الآخرين كذلك، لأنه ليس لهما إلا راو واحد. نعم نقل الحافظ في ترجمة
الأسود عن الذهبي أنه قال فيه: " محله الصدق ". ولا أدري وجهه، وقد قال
الحافظ فيه وفي كل من الآخرين: " مقبول ". وثلاثتهم تفرد بتوثيقهم ابن حبان
(٤ / ٣٢ و ٦ / ٢٩١ و ٧ / ٧١) وهو عمدة الهيثمي في قوله السابق! من أجل ذلك
كنت ضعفت هذا الإسناد في حديث الرؤية المشار إليه في الطريق الأولى، ولكنني
حسنت متنه لمجموع الطريقين كما تراه مخرجا في " ظلال الجنة " (٤٥٩) ، كما كنت
ضعفت الإسناد نفسه في هذا الحديث في " الظلال " أيضا (٥٥٤) لكنني لم أكن قد
وقفت على هذا الطريق الثاني، فتركت الحديث على الضعف الذي يقتضيه إسناده لأنه
لا سبيل لنا لمعرفة الصحيح والضعيف من الحديث إلا بالإسناد، ولذلك قال من
قال من السلف: " الإسناد من الدين، لولا الإسناد قال من شاء ما شاء ". فلما
يسر الله تعالى لي الوقوف على هذا الطريق بادرت إلى تقوية الحديث كسابقه
فأخرجته هنا. والحمد لله على توفيقه. ووجدت له طريقا ثالثا، بل شاهدا
ولكنه مما لا يفرح به يرويه سلم بن سالم البلخي: حدثنا خارجة بن مصعب عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن عائشة أم المؤمنين مرفوعا بلفظ: " إن الله ليضحك من
إياس العباد وقنوطهم وقرب الرحمة منهم ".