" وفيه دليل على جواز إفطار
القاضي ويقضي يوما مكانه وإن كان فيه المقال المتقدم ولكن الدليل على من قال
: إنه لا يجوز إفطار القاضي ". وأقول: أولا: ليس في الحديث ما ادعاه من
الجواز والأمر بالقضاء لا يستلزم جواز الإفطار فيه، كما لا يخفى إن شاء الله
تعالى، ألا ترى أنه لا يجوز الإفطار في رمضان بالجماع اتفاقا ومع ذلك أمر صلى
الله عليه وسلم الذي أفطر به أن يقضي يوما مكانه مع الكفارة وهو ثابت بمجموع
طرقه كما بينته في " صحيح أبي داود " (٢٠٧٣) ولذلك قواه الحافظ وتبعه
الشوكاني نفسه في " النيل " (٤ / ١٨٤ - ١٨٥) وفي " السيل " (٢ / ١٢٠ - ١٢١
) ، فأمره صلى الله عليه وسلم بالقضاء لأم هانىء لو كانت أفطرت منه لا يعني
جواز ما فعلت، فكيف وإفطارها كان من تطوع؟ ثانيا: أنها قالت في رواية
للترمذي وغيره: " إني أذنبت فاستغفر لي "، فقال: " وما ذاك؟ "، قالت:
كنت صائمة فأفطرت. فقال: " أمن قضاء كنت تقضينه؟ "، قالت: لا. فإذا
اعترفت بخطئها في ظنها لم يبق مجال لينكر عليها إفطارها - ولو كان من القضاء -
ولم يبق إلا أن يبين لها وجوب إعادته، وهذا هو ما دل عليه الحديث. وزاد
أبو داود في رواية عقب ما تقدم: " قال: فلا يضرك إن كان تطوعا ". ومفهومه
أنه يضرها لو كان قضاء. وهذا واضح إن شاء الله. ثالثا: الدليل هو اعتبار
الأصل، فكما لا يجوز إبطال الصيام في رمضان بدون عذر، فكذلك لا يجوز إفطار
قضائه ومن فرق فعليه الدليل.