ثم هو في الغالب يضعف بقية الأحاديث بضعف مفردات طرقها، وهو بذلك يعني أنه لا يعتد بقول العلماء: إن الحديث الضعيف يتقوَّى بكثرة الطرق ما لم يشتد ضعفها.
وإليكم مثالاً واحداً من تلك الأحاديث التي جار عليها وضعفها، وهو الحديث الأول عنده، والآتي برقم (١٠٩) :
قال (ص ٩) بعد أن نقل تخريجي إياه واستفاد منه عللَ طرقه:
"والحديث بها ضعيف؛ لأنه فقد في الأول والثاني والثالث والرابع شرط العدالة، وفي الخامس شرط الاتصال، ومما هو معلوم لدى علماء المصطلح أن طرق الكذابين والمتروكين والمجاهيل والأسانيد المنقطعة لا يقوي بعضها بعضاً، ولو كانت مئة طريق، والله أعلم".
وهذا الكلام وحده ينبىء من كان على شيء من المعرفه بهذا العلم أنه جاهل لا يستحق المناقشة؛ لأنه سوَّى فيه بين طرق الكذابين والطرق الأخرى التي هي دونها في الضعف، وهذا مع كونه خطأ في نفسه؛ فهو افتراء على العلماء؛ لأنهم يفرقون بين ما خف ضعفه فيقوى الحديث بمثله، وبين ما اشتد ضعفه، وعلى هذا التفريق جرينا منذ فقّهنا الله تبارك وتعالى هذا العلم، وعلى هذا الأساس بنيت صحة هذا الحديث، لأن أكثر طرقه ليس فيها ضعف شديد، لا سيما وقد وقفت على طريق أخرى عن مجاهد بإسناد رجاله ثقات، وصححه الحافظ ابن حجر، فألحقته بالطرق الأخرى تقوية لها كما سترى في هذه الطبعة إن شاء الله، وذلك من