وإسناده جيد، فقد ذكر له شاهدا من رواية ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي
سعيد به. وآخر من حديث أنس وسنده حسن. ونحوه حديث صخر أو حكيم بن معاوية
مرفوعا بلفظ: " لا شؤم، وقد يكون اليمن في ثلاثة: في المرأة، والفرس،
والدار ". وهو صحيح الإسناد كما بينته فيما سيأتي (١٩٣٠) .
وجملة القول أن الحديث اختلف الرواة في لفظه، فمنهم من رواه كما في الترجمة،
ومنهم من زاد عليه في أوله ما يدل على أنه لا طيرة أو شؤم (وهما بمعنى واحد
كما قال العلماء) ، وعليه الأكثرون، فروايتهم هي الراجحة، لأن معهم زيادة
علم، فيجب قبولها، وقد تأيد ذلك بحديث عائشة الذي فيه أن أهل الجاهلية هم
الذين كانوا يقولون ذلك، وقد قال الزركشي في " الإجابة " (ص ١٢٨) :
" قال بعض الأئمة: ورواية عائشة في هذا أشبه بالصواب إن شاء الله تعالى (
يعنى من حديث أبي هريرة) لموافقته نهيه عليه الصلاة والسلام عن الطيرة نهيا
عاما، وكراهتها وترغيبه في تركها بقوله: " يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب
، وهم الذين لا يكتوون (الأصل لا يكنزون) ولا يسترقون، ولا يتطيرون،
وعلى ربهم يتوكلون ".
قلت: وقد أشار بقوله: " بعض الأئمة " إلى الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى.
فقد ذهب إلى ترجيح حديث عائشة المذكور في " مشكل الآثار "، ونحوه في " شرح
المعاني " وبه ختم بحثه في هذا الموضوع، وقال في حديث سعد وما في معناه:
" ففي هذا الحديث ما يدل على غير ما دل عليه ما قبله من الحديث، (يعني حديث
ابن عمر برواية عتبة بن مسلم وما في معناه عن ابن عمر) ، وذلك أن سعدا أنتهر
سعيدا حين ذكر له الطيرة، وأخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا
طيرة، ثم قال: إن تكن الطيرة في شيء ففي المرأة والفرس والدار، فلم يخبر
أنها فيهن، وإنما قال: إن تكن في شيء