أحدها: أنه مخالف لما رواه أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه بالسند الصحيح عنه الذي لا مطعن فيه ولا تأويل عليه، وأبو عبيدة أعلم بحديث أبيه ومذهبه من خشف بن مالك ونظرائه، وعبد الله بن مسعود أتقى لربه وأشح على دينه من أن يروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قضى بقضاء ويفتي هو بخلافه، هذا لا يتوهم مثله على عبدالله بن مسعود، وهو القائل في مسألة وردت عليه لم يسمع فيها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا لم يبلغه عنه فيها قول: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني. ثم بلغه بعد ذلك أن فتياه فيها وافق قضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مثلها فرآه أصحابه فرح عند ذلك فرحا ما فرح مثله؛ بموافقة فتياه قضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمن كانت هذه صفته وهذا حاله كيف يصح عنه أن يروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويخالفه! ويشهد لذلك ما رواه إبراهيم، عن عبدالله بن مسعود أنه قال: دية الخطأ أخماسا ثم فسرها كما فسرها عنه أبو عبيدة وعلقمة سواء. وهذه الرواية وإن كان فيها إرسال فإبراهيم النخعي هو من أعلم الناس بعبد الله وفتياه.
ثانيها: أن المرفوع الذي فيه ذكر: بني مخاض لا نعلم من رواه إلا خشف، عن ابن مسعود، وهو رجل مجهول لم يروه عنه إلا زيد بن جبير، وأهل العلم لا يحتجون بخبر منفرد بروايته رجل مجهول غير معروف.
ثالثها: أن خبر خشف بن مالك لا نعلم أحدا رواه عن زيد بن جبير عنه، غير حجاج بن أرطاة، والحجاج رجل مشهور بالتدليس ولأنه يحدث عمن لم يلقه ولم يسمع منه. ثم ذكر أقوال الأئمة في الحجاج.
رابعها: أن جماعة من الثقات رووه، عن الحجاج فاختلفوا عليه فيه، فرواه