ذلك أمر مستقر في الفطرة السليمة حتى فطر النساء. وهذا الوصف الذي أدلت به المرأة، وجعلته سببا لتعليق الحكم به قد قرره النبي -صلى الله عليه وسلم- ورتب عليه أثره، ولو كان باطلا ألغاه، بل ترتيبه الحكم عقيبه دليل على تأثيره فيه وأنه سببه. قال: ودل الحديث على أنه إذا افترق الأبوان وبينهما ولد، فالأم أحق به من الأب ما لم يقم بالأم ما يمنع تقديمها أو بالولد وصف يقتضي تخييره، وهذا ما لا يعرف فيه نزاع، وقد قضى به خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عمر ابن الخطاب .... وقد أشار بقوله: ما يمنع تقديمها إلى أنه يشترط في الحاضنة أن تكون مسلمة دينة لأن الحاضن عادة حريص على تربية الطفل على دينه، وأن يربى عليه، فيصعب بعد كبره وعقله انتقاله عنه، وقد يغيره، عن فطرة الله التي فطر عليها عباده فلا يراجعها أبدا كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فلا يؤمن تهويد الحاضن وتنصيره للطفل المسلم. وأشار بقوله أو بالولد وصف يقتضي تخييره. إلى أن الصبي إذا كان مميزا فيخير ولا يشمله هذا الحديث، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خير غلاما بين أبيه وأمه. وهو حديث صحيح كما بينته في الإرواء (٢٢٥٤)، ومن شاء الاطلاع على الأحكام المستنبطة من هذا الحديث مع البسط والتحقيق، فليرجع إلى كتاب العلامة ابن القيم: زاد المعاد. أنتهى ما نقله وقاله الألباني.