قلت: حديث حسن لشواهده، وأما هذا الإسناد فهو ضعيف من أجل داود الأودي فإن أهل العلم مطبقون على تضعيفه.
وقول ابن جرير الطبريّ:"صحّ الخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-". ثم أخرج هذا الحديث من الطّريق نفسه، فلعله يشير إلى أصل الحديث فإنه صحيح ثابت. وأما حديث أبي هريرة بهذا الإسناد فليس بصحيح.
وفيه أيضًا عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر"، قال:"فيفزع النّاس ثلاث فزعات، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبونا آدم فاشفع لنا إلى ربّك فيقول إني أذنبت ذنبا أهبطت منه إلى الأرض ولكن ائتوا نوحًا، فيأتون نوحًا فيقول: إنّي دعوتُ على أهل الأرض دعوة فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقول: إني كذبت ثلاث كذبات -ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دين اللَّه- ولكن ائتوا موسى. فيأتون موسى فيقول: إني قد قتلتُ نفسًا، ولكن ائتوا عيسى. فيأتون عيسى فيقول: إنّي عُبدتُ من دون اللَّه، ولكن ائتوا محمّدًا". قال:"فيأتونني فأنطلق معهم" قال ابن جُدعان: قال أنس: فكأني أنظر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"فآخذُ بِحَلْقة باب الجنة فأُقَعْقِعُها. فيقال: مَنْ هذا؟ فيقال: محمّد، فيفتحون لي، ويرحِّبون، فيقولون: مرحبًا. فأخرُّ ساجدًا فيلهمني اللَّهُ من الثّناء والحمد، فيقال لي: ارْفعْ رأسَكَ سَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وقُلْ يُسْمَع لقولك. وهو المقام المحمود الذي قال اللَّه:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}[سورة الإسراء: ٧٩] ".
رواه الترمذيّ (٣١٤٨) عن ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ، قال (فذكره). قال الترمذيّ:"حديث حسن".
قلت: بل هو ضعيف؛ لأنّ فيه عليّ بن زيد بن جدعان ضعيف، إلّا أن الترمذيّ كان حسن الرّأي فيه، فقال:"صدوق". ولعله لهذا السبب حسّنه.
ثم قال الترمذيّ:"وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أبي نضرة، عن ابن عباس، الحديث بطوله" انتهى.
قلت: وهو كما قال، فقد رواه الإمام أحمد (٢٥٤٦)، وأبو يعلى (٢٣٢٨)، والطيالسي (٢٧١١) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، قال: خطبنا ابن عباس على منبر البصرة، فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه لم يكن نبيٌّ إلّا له دعوة قد تنجّزها في الدنيا، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمّتي وأنا سيّد ولد آدم. . . ". فذكر الحديث بطوله.
وفيه علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف كما مضى.
وفي الباب أيضًا ما روي عن ابن مسعود قال: جاء ابنا مُلَيْكة إلى النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالا: إنّ أمَّنا كانت تكرم الزَّوج، وتعطف على الولد. قال: وذكر الضيف غير أنّها كانت وأَدَتْ في الجاهليّة! قال: