والأوسط بإسناد واحد، فلا معنى لتخصيص الكبير وحده بالذكر.
وخلاصة القول فيه: أن تفرد ابن عقيل لا يضر في ذكر هذه السنة العزيزة بعد استمرار العمل بهذا الحديث في بيت النبوة، فمن المستبعد أن تقدم فاطمة على هذا العمل بدون أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذنه، كما فعلت فاطمة بنت حسين أيضا بعدها، ثم استمر العمل به، فاستحبه أهل العلم منهم سفيان الثوري وأحمد والشافعي وغيرهم. وبالله التوفيق.
٩ - باب هل يعق الرجلُ عن نفسه إذا لم يُعَقّ عنه
رُويَ عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقَّ عن نفسه بعد ما جاءته النبوة.
رواه عبد الرزاق في مصنفه (٧٩٦٠) - ومن طريقه البيهقي (٩/ ٣٠٠) -، وعلي بن المديني في علله (٥٨)، والبزار في مسنده (٧٢٨١) كلهم من طريق عبد الله بن المحرر، عن قتادة، عن أنس فذكره.
وإسناده واهٍ جدا؛ فيه عبد الله بن المحرر هو الجزري متروك.
قال البزار عقبه: "حديث عبد الله بن المحرر لا نعلم رواه أحدٌ عن قتادة، عن أنس غيره، وهو ضعيف الحديث جدا، وإنما يُكتب من حديثه ما ليس عند غيره" اهـ.
وقال البيهقي: "روى عبد الله بن محرر في عقيقة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه حديثا منكرا، ثم نقل عن عبد الرزاق قوله: "إنما تركوا عبد الله بن محرر لحال هذا الحديث". وقال مهنا: قال أحمد: هذا منكر، وضعّف عبد الله بن المحرر. زاد المعاد (٢/ ٣٣٢).
والحديث أورده ابن حبان في ترجمته من المجروحين (٢/ ٢٣) فرواه من طريق عبد الرزاق به، وقال في أول الترجمة: "كان من خيار عباد الله ممن يكذب ولا يعلم، ويقلب الأخبار ولا يفهم".
وكذا صنع ابن عدي في الكامل (٤/ ١٤٥٢) بقوله: "وهذه الأحاديث لابن محرر عامتها غير محفوظة".
وقال النووي: "حديث باطل". المجموع (٨/ ٤٣١).
وقال الذهبي في ترجمته من الميزان (٢/ ٥٠٠): "ومن بلاياه ... " وذكر حديثه هذا. وقال ابن الملقن في البدر المنير (٩/ ٣٣٩): "وهو حديث ضعيف بمرّة؛ لأن عبد الله واهٍ باتفاق".
وأما ما رُويَ عن الهيثم بن جميل، حدثنا عبد الله بن المثنى بن أنس، عن ثمامة بن أنس، عن أنس فذكره، فهو خطأ.
رواه الطحاوي في مشكل الآثار (١٠٥٣)، والطبراني في الأوسط (٩٩٨)، والضياء المقدسي في المختارة (١٨٣٣) كلهم من هذا الطريق.
وعبد الله بن المثنى الأنصاري مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إلا أنه أخطأ في هذا الحديث، نص عليه الحافظ البيهقي والحافظ ابن القيم والحافظ ابن حجر في الفتح (٩/ ٥٩٥) وفي التلخيص (٤/ ١٤٧) وغيرهم.