١ - باب قوله: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)}
قوله: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} يرثني أي النبوة، ويرث من آل يعقوب الشرع والعلم، ومن للتبعيض أي يرث أيضا من بعض آل يعقوب النبوة لأن جميع آل يعقوب لم يكونوا أنبياء ولا علماء، وأما المال فلم يكن مرادا لأن الأنبياء لا يورّثون بل ما يتركونه يكون صدقة كما جاء في الصحيح:
• عن عائشة أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ميراثهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالت لهن عائشة: أليس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة"؟ .
متفق عليه: رواه مالك في الكلام والغيبة والتقى (٢٧) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.
ورواه البخاري في الفرائض (٦٧٣٠)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٥٨) كلاهما من طريق مالك به.
• عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقسم ورثتي دنانير، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة".
متفق عليه: رواه مالك في الكلام والغيبة والتقى (٢٨) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاري في الفرائض (٦٧٢٩)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٦٠) كلاهما من هذا الوجه.
٢ - باب قوله: {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧)}
قوله: {سَمِيًّا} له عدة معانٍ: منها: إن الله سمّاه يحيى، ولم يسم أحد قبله بهذا الاسم.
ومنها: لم يكن أحد قبله شبيها له مثل قوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)} أي شبيها؛ لأنه لم يعص الله قط، ولم يهم بمعصية.
ومنها: أنه ولد من امرأة عاقر كما قال زكريا حين بُشّر به. {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨)}.
ولم يعرف أن امرأة عاقرا قد ولدتْ.
وقوله: {عِتِيًّا} من عتا يعتو إذا يبس ومعناه كبر، ولم يبق له نكاح ولا جماع.
وهذا بخلاف إبراهيم وسارة فإنهما تعجّبا من البشارة بإسحاق على كبرهما لا لعقرهما كما جاء في سورة هود: {قَالَتْ يَاوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢)} [سورة هود: ٧٢]