منزل أبي خليفة- قال: فدخلنا عليه. فقلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أبي حمزة، وحدّثناه حتى إذا فرغنا. قال: ما حدّثكم إلّا بهذا؟ قلنا: ما زادنا على هذا. قال: فقال الحسن: فقد حدّثني منذُ عشرين سنةً، فما أدري أنسي الشّيخُ أم كره أن يحدِّثكم، فتتكلوا؟ قال: فقالوا يا أبا سعيد، حدِّثنا، فضحك وقال: خُلق الإنسان عجولًا، إنّي لم أذكره إلا وأنا أريد أن أحدّثْكموه -كما حدَّثكم- منذ عشرين سنة.
ثم قال: "فأقوم الرابعة، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخرّ له ساجدًا".
قال: "فيقال لي: ارفع رأسك، وقُلْ يُسْمَعْ لك، وسَلْ تعطه، واشفع تشفّع". قال: "فأرفع رأسي، فأقول: أي ربِّ، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا اللَّه". قال: "فيقال: ليس لك ذلك، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي لأُخرجنّ منها من قال: لا إله إلّا اللَّه". انتهى.
وفي صحيح مسلم قال: معبد: فأشهد على الحسن أنه حدّثنا به أنه سمع أنس بن مالك، أراه قبل عشرين سنة وهو يومئذ جميع.
وليس معنى هذا الحديث أنّ قائل: لا إله إلّا اللَّه بلسانه من غير تصديق قلب يخرج من النّار، وقد جهّل ابنُ خزيمة من قال ذلك، ورماه بقلّة معرفة بدين اللَّه وأحكامه، وذلك يعود إلى جهله بأخبار النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فمختصرها ومتقصَّاها؛ لأنّ شاهد أن لا إله إلّا اللَّه من غير أن يشهد أنّ للَّه رسلًا وكتبًا وجنّة ونارًا، وبعثًا، وحسابًا يدخل الجنّة أشدّ فرقًا".
وقال أيضًا: "إذ أكثرُ أهل زماننا لا يفهمون هذه الصّناعة، ولا يميّزون بين الخبر المختصر وبين الخبر المتقصّي، فيحتجّون بالخبر المختصر، ويدَعون الخبر المتقصّ، وربّما خفي عليهم الخبر المتقصّى فيحتجّون بالخبر المختصر، ويترأسون قبل التّعلم، قد حُرموا الصّبر على طلب العلم، لا يصبرون حتى يستحقّوا الرّياسة، فيبلغوا منازل العلماء" انتهى. كتاب التوحيد (٢/ ٦١٥).
٧ - شفاعة النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لكلّ مَنْ دعا بالدّعاء عند سماع النّداء
• عن جابر بن عبد اللَّه، أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من قال حين يسمع النِّداء: اللهمَّ ربَّ هذه الدّعوة التّامة، والصّلاة القائمة، آتِ محمّدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلَّتْ له شفاعتي يوم القيامة".
صحيح: رواه البخاريّ في الأذان (٦١٤) عن علي بن عياش، قال: حدّثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
وفيه أيضًا عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكن إسناده ضعيف، رواه الطبرانيّ في الأوسط (مجمع البحرين) (٦٣٧). قال الهيثميّ في "المجمع" (١/ ٣٣٣): "فيه صدقة بن عبد اللَّه السّمين، ضعّفه أحمد والبخاريّ ومسلم وغيرهم، وثقه دُحيم وأبو حاتم وأحمد بن صالح المصريّ".