"أمُّكُمَا في النّار". فأدبرا والشّر يُرى في وجوههما، فأمر بهما فَرُدًا فرجعا والسّرور يُرى في وجوههما رَجَيَا أن يكون قد حَدَثَ شَيْءٌ فقال:"أُمّي مع أمِّكما". فقال رجل من المنافقين: وما يغني هذا عن أمِّه شيئًا ونحن نطأ عقبيه. فقال رجل من الأنصار -ولم أر رجلًا قط أكثر سؤالا منه-: يا رسول اللَّه، هل وعدك ربُّك فيها أو فيهما؟ قال: فظن أنه من شيء قد سمعه، فقال:"ما سألتُه ربّي وما أطمعني فيه، وإنّي لأقومُ المقام المحمود يوم القيامة". فقال الأنصاريّ: وما ذاك المقام المحمودُ؟ قال:"ذاك إذا جيء بكم عراة حفاة غُرْلًا، فيكون أول من يُكسى إبراهيم، يقول: أُكْسُوا خليلي، فيؤتى بريطتين بيضاوين، فيلبسهما ثم يقعد فيستقبل العرش؟ ثم أوتَى بكسوتي فألبسها فأقوم عن يمينه مقامًا لا يقومه أحدٌ غيري يغبطني به الأولون والآخرون". قال:"ويفتح نهر من الكوثر إلى الحوض". فقال المنافقون: فإنّه ما جرى ماء قطّ إلّا على حال أو رَضْراض. قال: يا رسول اللَّه، على حال أو رضراض؟ قال:"حالُه المسك، ورَضْراضُه التُّوم". قال المنافق: لم أسمع كاليوم قلما جرى ماء قط على حال أو رضراض إلا كان له نَبْت. فقال الأنصاريّ: يا رسول اللَّه، هل له نبت؟ قال:"نعم قضبان الذّهب". قال المنافق: لم أسمع كاليوم فإنه قلّما نبت قضيب إلّا أوْرَقَ وإلا كان له ثَمر. قال الأنصاريّ: يا رسول اللَّه هل من ثمر؟ قال:"نعم ألوانُ الجوهر، وماؤُه أشدُّ بياضًا من اللّبن وأحلى من العسل، إنّ من شرب منه مَشْربًا لم يظمأ بعده، وإنْ حُرِمَهُ لم يَرْوَ بعده".
رواه الإمام أحمد (٣٧٨٧)، والبزار -كشف الأستار (٣٤٧٨) - والطبراني في الكبير (١٠/ ٩٨) كلهم من طريق عارم بن الفضل، حدثنا سعيد بن زيد، حدّثنا علي بن الحكم البنانيّ، عن عثمان، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعود، فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل عثمان وهو ابن عُمير -بالتصغير- البجليّ أبو اليقظان الكوفي الأعمى اختلط، وكان يدلس ويغلو في التشيع، جمهور أهل العلم مطبقون على تضعيفه.
قال البزار: لا نعلمه يُروي بهذا اللفظ من حديث علقمة عن عبد اللَّه إلا في هذا الوجه، وقد روى الصعق بن حزن عن علي بن الحكم، عن عثمان بن عمير، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، وأحسب أن الصعق غلط في هذا الإسناد".
ومن طريق الصعق بن حزن. أخرجه الآجري في الشريعة (١٠٩٦)، والحاكم (٢/ ٣٦٤)، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وعثمان بن عمير هو ابن اليقظان". كذا قال والصواب: أبو اليقظان.
وتعقبه الذهبي فقال: "لا واللَّه فعثمان ضعفه الدارقطني والباقون ثقات".
وأورده الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٣٦٢) وقال بعد أن عزاه لأحمد والبزار والطبراني: "وفي أسانيدهم كلهم عثمان بن عمير وهو ضعيف".