[جموع ما جاء في ذكر الوفود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
قال ابن إسحاق: لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، وفرغ من تبوك، وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفودُ العرب من كل وجه.
وقال: وإنما كانت العرب تربَّص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أن قريشا كانوا إمام الناس وهاديهم، وأهل البيت الحرام ... سيرة ابن هشام (٥٥٩ - ٥٦٠).
وفي حديث عمرو بن سلمة في قصة الفتح عند البخاري (٤٣٠٢) قال: كانت العرب تلوَّم -تنتظر- بإسلامهم الفتح، يقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم ...
قال ابن هشام صاحب السيرة: حدثني أبو عبيدة: أن ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تسمى سنة الوفود.
ولكن هذا لا يمنع أن تكون بعض الوفود مقدمة على هذه السنة مثل وفد ضمام بن ثعلبة كان سنة خمس، ووفد مزينة كان سنة خمس وغيرهما.
وقد أخرج البخاري في صحيحه جملة من هذه الوفود بالأسانيد المتصلة الصحيحة، وكان محمد بن سعد أوفى من ذكر هذه الوفود، بلغ مجموعه ما يزيد على ستين، ومعظمها أسندها عن شيخه الواقدي، وهو متهم، مع سعة علمه في أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومغازيه.
وأنا أكتفي هنا بذكر جملة من الوفود بالأسانيد الصحيحة، وأسرد بعضها سردا، ولكن لا يعني هذا أن هذه لم تثبت، وأنها مختلقة! ! بل أقول بكل جزم أن ورود هذه الوفود على النبي - صلى الله عليه وسلم - حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها، ولكن لم يهتم المؤرخون في السيرة النبوية مثل محمد بن إسحاق والواقدي وابن سعد بذكر الأسانيد المتصلة، كما اهتم المحدثون في ذكر الأحكام والمعاملات في مصنفاتهم بالأسانيد المتصلة، ليتمكن الناقد البارع معرفة الصحيح من السقيم بخلاف كتب السير والتواريخ، والله المستعان.
[١ - وفد طارق بن عبد الله المحاربي وأصحابه من أهل الربذة في مكة]
• عن طارق بن عبد الله المحاربي، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سوق ذي المجاز وعليه حلة حمراء، وهو يقول:"يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، ورجل يتبعه يرميه بالحجارة، وقد أدمى عرقوبيه وكعبيه، وهو يقول: يا أيها الناس، لا تطيعوه، فإنه كذاب، فقلت: من هذا؟ قيل: هذا غلام بني عبد المطلب. قلت: