قلت: وهو كما قال، وأبو نعامة العدويّ هو عمرو بن عيسى بن سويد من رجال مسلم إلّا أنّه تغيّر قبل موته وهو "صدوق".
ووالان العدويّ هو والان بن بهيس، أو ابن قِرْفة، وثّقه ابنُ معين وغيره.
وقال ابن حبان: قال إسحاق (وهو ابن راهويه): "هذا من أشرف الحديث، وقد روى هذا الحديث عدّةٌ، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، منهم: حذيفة، وابن مسعود، وأبو هريرة وغيرهم".
وأما قول الدارقطني: والان مجهول، فلعله لم يقف على توثيق ابن معين له، والنكارة فيه تقديم الصديقين على الأنبياء في الشفاعة، ولعل هذا مما أخطأ فيه أبو نعامة العدوي لأنه تغير قبل موته.
• عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أنّ النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تلا قوله عزّ وجلّ في إبراهيم:{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}[سورة إبراهيم: ٣٦]، فرفع يديه وقال:"اللهمّ أمّتي أمّتي" وبكي. فقال اللَّهُ عزّ وجلّ: يا جبريل، اذْهب إلى محمّد -وربُّك أعلم- فسلْه ما يُبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السّلام، فسأله، فأخبره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بما قال -وهو أعلم-. فقال اللَّه: يا جبريل، اذهبْ إلى محمّد فقُلْ: إنا سنرضيك في أمّتكَ ولا نسوءك.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (٢٠٢) عن يونس بن عبد الأعلى الصّدفيّ، أخبرنا ابنُ وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدّثه عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
وفي الباب أحاديث لم تصح، منها ما رُوي عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "للأنبياء منابرُ من ذهب، فيجلسون عليها". قال:"ويبقى منبري، لا أجلسُ عليه، ولا أقعد عليه، قائمٌ بين يدي اللَّه ربي، مخافة أن يُبعث بي إلى الجنة وتبقى أمّتي بعدي، فأقولُ: يا ربِّ، أمّتي أمّتي". فيقول اللَّه عزّ وجلّ: يا محمد، ما تريدُ أن أصنعَ بأمّتك؟ فأقول:"يا ربِّ، عجِّلْ حسابهم"، فيُدعى بهم، فيُحاسبون، فمنهم من يدخل الجنّة برحمة اللَّه، ومنهم من يدخل الجنّة بشفاعتي، فما أزالُ أشفعُ حتى أُعطى صكاكًا برجال قد بُعث بهم إلى النار، وحتى إنّ مالكًا خازن النار يقول: يا محمد، ما تركتَ للنّار لغضب ربّك في أمّتك من نقمة.
رواه الطبرانيّ في "الكبير"(١٠٧٧١)، وابن خزيمة في "التوحيد"(٤٧٦)، والحاكم (١/ ٦٥) كلّهم من طريق محمد بن ثابت البنانيّ، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس، فذكره.
قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد غير أنّ الشّيخين لم يحتجّا بمحمد بن ثابت البناني، وهو قليل الحديث، يجمع حديثه، والحديث غريب في أخبار الشّفاعة ولم يخرجاه".