للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعقّبه الذّهبيّ فقال: "ضعّفه غير واحد، والحديث منكر".

وقال الهيثميّ في "المجمع" (١٠/ ٣٨٠): "رواه الطبرانيّ في الكبير والأوسط، وفيه محمد بن ثابت البنانيّ، وهو ضعيف".

قلت: وهو كما قالا؛ فإن محمد بن ثابت البنانيّ يروي عن أبيه ما ليس من حديثه، كأنه ثابت آخر، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرّواية عنه على قلّته كما قال ابن حبان. انظر "المجروحين" (٩٢٥).

وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عباس في حديث طويل من أحاديث أهل الموقف. رواه الإمام أحمد (٢٥٤٦) عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، قال: خطبنا ابنُ عباس على منبر البصرة، فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر الحديث بطوله.

وفيه علي بن زيد ضعيف، وفي المتن نكارة وهي قول عيسى عليه السّلام: "إنّي لست هُناكم، إنّي اتُخِذْتُ إلها من دون اللَّه، وإنّه لا يهمني اليوم إلّا نفسي". لأنّ في الأحاديث الصّحيحة لم يذكر عيسى عليه السلام ذنبًا مع أنّ ما ذكره ليس بذنب له.

وفي الباب أيضًا ما روي عن سلمان الفارسيّ. رواه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان (ص ١٢).

وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعض الأحاديث: "شفاعتي لكلّ مسلم".

"يريد أنّي أشفع لجميع المسلمين في الابتداء، للنّبيين والشّهداء والصّالحين وجميع المسلمين، فيخلّصهم اللَّه من الموقف الذي قد أصابهم فيه من الغمّ والكَرْب ما قد أصابهم في ذلك الموطن؛ ليقضي اللَّه بينهم، ويُعجِّل حسابهم". "التوحيد لابن خزيمة" (٢/ ٥٧٦).

هذه الأحاديث وغيرها -مثل حديث ابن عمر الآتي- خاصّة بشفاعة النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل الموقف للقضاء بينهم، وهو المقام المحمود الآتي في الباب الذي يليه.

ثم بعد الشّفاعة العظمى له -صلى اللَّه عليه وسلم- شفاعات أخرى مثل إدخال أهل الجنّة الجنّة، وإخراج أهل التوحيد من النّار، وشفاعته لمن استحقّ النّار أن لا يدخلها من أمّته.

وأمّا ما ذكر في أحاديث هذا الباب من الشفاعات في الموقف وإخراج عصاة أهل التوحيد من أمّته من النّار وغير ذلك من الشّفاعات، فالظّاهر أنّ بعض الرّواة جمعوا بين الأحاديث المختلفة، وساقوها سياقًا واحدًا، وبعضهم اختصر من أول الحديث، وبعضهم اختصر من آخره.

قال ابن خزيمة في التوحيد (٢/ ٥١٩): "أصحاب النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ربما اختصروا أخبار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا حدّثوا بها، وربما اقتصُّوا الحديث بتمامه، وربما كان اختصارٌ بعد الإخبار، وبعض السّامعين يحفظ بعض الخبر، ولا يحفظ جميع الخبر، وربما نسي بعد الحفظ بعض المتن، فإذا جُمعت الأخبار كلّها عُلم حينئذ جميعُ المتن" انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>