لكم إلى ربّكم عز وجل. قال: فينطلق فيأتي جبريل عليه السلام ربَّه، فيقولُ اللَّهُ عزّ وجلّ: إئْذن له وبشِّرْه بالجنّة. قال: فينطلقُ به جبريل فيخرُّ ساجدًا قدْرَ جُمعةٍ، ويقول اللَّهُ عزّ وجلّ: ارْفعْ رأسك يا محمد، وقُلْ يُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، قال: فيرفع رأسه، فإذا نظر إلى ربِّه عزّ وجلّ خرَّ ساجدًا قدر جُمعة أخْرى، فيقولُ اللَّهُ عزّ وجلّ: ارْفَعْ رأسَك، وقُلْ يُسمع، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. قال: فيذهبُ ليقعَ ساجدًا فيأخذُ جبريلُ عليه السلام بضَبْعَيْه فيفتح اللَّه عزّ وجلّ عليه من الدّعاء شيئًا لم يفتحه على بشر قطّ. فيقول: أيْ ربِّ خلقتني سيِّدَ ولد آدم ولا فخر، وأوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، حتى إنّه ليردُ عليَّ الحوضَ أكثرُ مما بين صنعاءَ وأَيْلَةَ. ثم يقال: ادعوا الصّدِّيقين فيشفعون، ثم يقال: ادْعُوا الأنبياء، قال: فيجيء النبي ومعه العصابة، والنّبي ومعه الخمسة والسّتة، والنبيُّ وليس معه أحد. ثم يقال: أدعوا الشّهداء فيشفعون لمن أرادوا. وقال: فإذا فعلت الشُّهداء ذلك. قال: يقول اللَّه عزّ وجلّ: أنا أرحم الرّاحمين، أدْخلوا جنَّتِي مَنْ كان لا يُشركُ بي شيئًا. قال: فيدخلون الجنَّةَ. قال: ثم يقول اللَّه عزّ وجلّ: انظُروا في النّار، هل تلقون من أحد عَمِل خيرًا قطّ، قال: فيجدون في النّار رجلا فيقول له هل عملتَ خيرًا قطّ؟ فيقول: لا غير أنّي كنتُ أسامحُ النّاسَ في البيع والشِّراء. فيقول اللَّه عزّ وجلّ: اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي.
ثم يُخرجون من النّار رجلًا فيقول له: هل عَملتَ خيرًا قطّ؟ فيقول: لا غير أنّي قد أمرتُ ولدي إذا مِتُّ فأحرقوني بالنار ثم اطحنوني، حتّى إذا كنت مثل الكُحل فاذهبوا بي إلى البحر فاذْرُوني في الرِّيح، فواللَّهِ لا يقدرُ عليَّ ربُّ العالمين أبدًا، فقال اللَّه عزّ وجلّ: لِم فعلتَ ذلك؟ قال: من مخافتك. قال: فيقول اللَّه عز وجل: انظر إلى مُلكِ أعظمِ مَلِكٍ فإنّ لك مثلَه وعشرةَ أمثالِه. قال: فيقول: لِم تسخرُ بي وأنت الملك؟ ! قال: وذاك الذي ضحكتُ منه من الضُّحى".
حسن: رواه الإمام أحمد (١٥)، وأبو يعلى (٥٦)، والبزار -كشف الأستار (٣٤٦٥) - كلهم من طريق النضر بن شُميل، قال: حدّثني أبو نَعامة، قال: حدّثني أبو هُنيد البراء بن نوفل، عن والان العدَويّ، عن حذيفة، عن أبي بكر الصديق، فذكر مثله، واللّفظ لأحمد.
وأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٦١٨)، وابن حبان في صحيحه (٦٢٧٦) من هذا الوجه.
وقال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٣٧٤): "رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار، ورجاله ثقات".