للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عهد الصبا. فالغاية التي كان يرمي إليها البخاري من كل ما تعلّمه، ووقف حياته عليها، كانت: ربط جميع تصرفات الانسان المسلم بأصل شرعي يستند إليه. ونلحظ ذلك عندما قال لورّاقه: "إِني ما أتيت شيئا بغير علم منذ عقلت". (١)

وقال: "ما جلست للتحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم، وحتى نظرت في كتب أهل الرأي، وما تركت بالبصرة حديثا إِلا كتبته". (٢)

وقال لوراقة يوما: "لا أعلم شيئا يُحتاج اليه إِلا وهو في الكتاب والسنة".

قال: فقلت له: يمكن معرفة ذلك؟ قال: نعم. (٣)

ولأجل هذه الغاية وضع البخاري جميع تصانيفه، ولو تأملها الباحث لما وجدها تخرج عن هذا الاطار. فـ "قضايا الصحابة والتابعين" و" الجامع الصحيح" و "الإِعتصام"، و "جزء القراءة خلف الإِمام "، ورفع اليدين في الصاة" وغيرها كلها تصب في هذا المسار ولا تحيد عنه.

فالبخاري اذن ملك وسائل هذه الغاية، من علم واسع، وذكاء خارق، وهمّة عالية، ولا بدّ له من الناصر والمؤازر.

وقد وجد البخاري في شخص الإِمام أحمد النموذج الذي يمكن التعاون معه لهذه الغاية العظمى، فالهدف عندهما متّحد، وتوافق الآراء بينهما قائم إِلى حد بعيد. وكذلك كان الإِمام أحمد- وقد قطع في غايته هذه أشواطا بعيدة- كان يرى في شخصية الإِمام البخاري ذلك العنصر الناضج الذي يمكن الاستفادة من طاقاته الكبيرة في خدمة السنة في عاصمة الخلافة العباسية.


(١) الوافي بالوفيات: ٢/ ٢٠٨. وطبقات الشافعية للسبكي: ٢/ ١٠.
(٢) هدي الساري: ص (٤٨٨).
(٣) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>