من الله تعالى مَنَّ به عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك مَنٌّ من الله جل ذكره مَنَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه.
صحيح: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٩٢) عن الصلت بن محمد، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة فذكره.
• عن ابن عمر قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمرَ، طعنه طعنتين، فظن عمر أن له ذنبا في الناس لا يعلمه، فدعا ابن عباس -وكان يحبه، ويدنيه، ويستمع منه- فقال له: أحب أن نعلم عن ملأ من الناس كان هذا؟ فخرج ابن عباس، فجعل لا يمر بملأ من الناس إلا وهم يبكون، فرجع إليه، فقال: يا أمير المؤمنين! ما أتيت على ملأ من المسلمين إلا وهم يبكون، كأنما فقدوا اليوم أبكار أولادهم، فقال: من قتلني؟ قال: أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة. قال ابن عباس: فرأيت البشر في وجهه، فقال: الحمد لله الذي لم يبتلني أحد يحاجني بقول: لا إله إلا الله، أما إني كنت قد نهيتكم أن تجلبوا إلينا من العلوج أحدا، فعصيتموني، ثم قال: ادعوا لي إخواني. قالوا: ومن؟ قال: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، فأرسل إليهم، ثم وضع رأسه في حجري، فلما جاؤوا، قلت: هؤلاء قد حضروا. فقال: نعم. نظرت في أمر المسلمين فوجدتكم أيها الستة رؤوس الناس وقادتهم، ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم ما استقمتم يستقيم أمر الناس، وإن يكن اختلاف يكن فيكم، فلما سمعت ذكر الاختلاف والشقاق ظننت أنه كائن؛ لأنه قَلَّ ما قال شيئا إلا رأيته، ثم نزف الدم، فهمسوا بينهم حتى خشيت أن يبايعوا رجلا منهم، فقلت: إن أمير المؤمنين حي بعد، ولا يكون خليفتان ينظر أحدهما إلى الآخر، فقال: احملوني. فحملناه. فقال: تشاوروا ثلاثا، ويصلي بالناس صهيب، قال: من نشاور يا أمير المؤمنين؟ فقال: شاوروا المهاجرين والأنصار وسراة من هنا من الأجناد، ثم دعا بشربة من لبن، فشرب فخرج بياض اللبن من الجرحين، فعرف أنه الموت. فقال: الآن لو أن لي الدنيا كلها لافتديت بها من هول المطلع، وما ذاك والحمد لله إن أكون رأيت إلا خيرا، فقال ابن عباس: وإن قلت ذلك فجزاك الله خيرا، أليس قد دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعز الله بك الدين والمسلمين إذ يخافون بمكة، فلما أسلمت كان إسلامك عزا، وظهر بك الإسلام ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه،