ورواه مالك أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن علي بن الحسين أنه قال: "وزنت فاطمةُ بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شعر حسن وحسين، فتصدقت بزنته فضة". ومن طريق مالك رواه البيهقي (٩/ ٢٩٩).
ورواه عبد الرزاق (٤/ ٣٣٣) من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر أن فاطمة كانت إذا ولدتْ حلقتْ شعره، وتصدقت بوزنه ورِقًا.
ولكن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بأبي جعفر الباقر لم يدرك فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أن فاطمة لم ترفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن عمل فاطمة هذا له حكم الرفع إذ من المستبعد أن تعمل فاطمة عملا في بيت النبوة بدون أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بدون علمه.
ففيه إقرار من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أحد أنواع الحديث.
وابن عقيل من أهل البيت فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه نكارة ولا غرابة، فقد جاء أيضا مرفوعا من وجه آخر وهو ما رواه الترمذي (١٥١٩)، وابن أبي شيبة (٢٤٧١٦) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالب فذكره. وإسناده ضعيف فيه علتان:
الأولى: الانقطاع محمد بن علي أبو جعفر الملقب بالباقر لم يدرك جده عليا - رضي الله عنه -. الثانية: فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
وقد أشار الترمذي إلى العلة الأولى فقال عقب الحديث: "هذا حديث حسن غريب وإسناده ليس بمتصل، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين لم يدرك عليَّ بن أبي طالب". وكذا أعلّه بالانقطاع أيضا البيهقي (٩/ ٣٠٤).
وأما ما روي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمر بالحسن أو الحسين يوم سابعه أن يحلق، وأن يتصدق بوزنه فضة فهو خطأ.
رواه البزار (٦١٩٩)، والطبراني في الكبير (٢٥٧٥)، وفي الأوسط (١٢٧)، والبيهقي (٩/ ٢٩٩) من طريق ابن لهيعة، حدثني عمارة بن غزية، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس، فذكره.
واللفظ للبزار وزاد غيره: "ولم يجِدْ ذِبْحا".
وإسناده ضعيف؛ لأجل عبد الله بن لهيعة فإنه سيء الحفظ، فلعله أخطأ فيه فوصله بذكر أنس، والصواب ما رواه مالك عن ربيعة، عن محمد بن علي مرسلا كما مضى، وقد أشار إلى هذا الخطأ ابن عبد البر وغيره.
وأما قول الهيثمي في المجمع (٤/ ٥٧): "رواه الطبراني في الكبير، والأوسط والبزار وفي إسناد الكبير ابن لهيعة وإسناده حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح". ففيه تساهل، وقوله: "في إسناد الكبير ابن لهيعة" لا وجه له؛ لأن ابن لهيعة عند جميعهم، بل هو عند الطبراني في الكبير