ثنا أبي، قال: كنت بواسط القصب عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، فقال الآذان: هذا أبو غادية الجهني. فقال عبد الأعلى: أدخلوه. فدخل وعليه مقطعات له، رجل طوال ضرب من الرجال، كأنه ليس من هذه الأمة. فلما قعد، قال:"بايعت رسول - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: يمينك؟ قال: نعم. خطبنا يوم العقبة، فقال: "يا أيها الناس ألا إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلّغت؟ ". قالوا: نعم. قال: "اللهم! اشهد". قال: "لا ترجعوا بعدي كفّارّا يضرب بعضكم رقاب بعض".
قال: "وكنا نعدّ عمار بن ياسر من خيارنا. قال: فلما كان يوم صفين، أقبل يمشي أول الكتيبة راجلًا حتى إذا كان من الصفين طعن رجلًا في ركبته بالرمح، فعثر فانكفأ المغفر عنه، فضربته فإذا هو رأس عمار.
قال: يقول مولي لنا: أي يد كفتاه. قال: فلم أر رجلًا أبين ضلالةً عندي منه، أنه سمع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما سمع، ثم قتل عمارًا". انتهى.
وإسناده حسن من أجل الكلام في كلثوم وهو ابن جبر البصريّ مختلف فيه غير أنه حسن الحديث. وأبو الغادية هذا الجهني واسمه يسار بن سبع، وقيل: يسار بن أزهر. أدرك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو غلام، وله سماع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان محبًّا في عثمان، وهو قاتل عمار بن ياسر، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول: قاتل عمار على الباب! .
قال ابن عبد البر في ترجمته في "الاستيعاب": "وفي قصته عجب عند أهل العلم، روى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما ذكرنا أنه سمعه منه، ثم قتل عمارًا رضي الله عنه، روى عنه كلثوم بن جبر".
وقال الحافظ في "الإصابة": "والظن بالصّحابة في تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأوّلين، وللمجتهد المخطئ أجر، وإذا ثبت هذا في حقّ أحاد الناس، فثبوته للصحابة بالطريق الأولى".
• عن وابصة بن معبد الجهنيّ، أنّه كان يقوم في الناس يوم الأضحى، أو يوم الفطر فيقول: إنّي شهدتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجّة الوداع، وهو يقول: "أيّ يوم هذا؟ ". قال الناس: يوم النّحر. قال: "فأيّ شهر هذا؟ ". ثم قال: "أيُّ بلد هذا؟ ". قالوا: هذه البلدة. قال: "فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه". ثم قال: "اللهم هل بلغت، يبلّغ الشّاهد الغائب".
قال وابصة: نُشهد عليكم، كما أَشهد علينا.
حسن: رواه أبو يعلى (١٥٨٩) عن عمرو النّاقد، حدّثنا عمرو بن عثمان الكلابي الرّقي، حدّثنا أصبغ بن محمد، عن جعفر بن برقان، عن شدّاد مولي عياض، عن وابصة، فذكره.
وعمرو بن عثمان الكلابي ضعيف، ولكنه توبع. رواه أبو يعلى (١٥٩٠) قال عمرو بن محمد