محمد بن كعب: التين مسجد أصحاب الكهف، والزيتون مسجد إيلياء.
وقوله: {وَطُورِ سِينِينَ} هو الجبل المعروف بطور سيناء.
الطور: بمعنى الجبل عند الكنعانيين، وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام.
وقوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} وهو مكة بدون خلاف؛ لأن الله جعله بلدا آمنا، كقوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤].
وقال بعض أهل العلم: هذه الآيات فيها إشارة إلى ثلاثة من أولي العزم من الرسل، ومكان بعثتهم ونزول الوحي إليهم.
فقوله: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فيه إشارة إلى بيت المقدس وما جاورها حيث بعث عيسى عليه السلام، فإن تلك الأرض معروفة بكثرة التين والزيتون.
وقوله: {وَطُورِ سِينِينَ} هو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام.
وقوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} أي مكة فإنه البلد الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي نُبِّيَ فيه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وأولى الأقوال عندي حمله على ظاهر المعنى.
هذه كلها أقسام، والمقسم عليه قوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} أي: أعدل قامة، وأحسن صورة، وذلك أنه خلق كل حيوان منكبا على وجهه، وخلق الإنسان مديد القامة، يتناول مأكوله بيده، مع العقل والتمييز.
وقوله: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} قد يحمل على إدراك الإنسان غاية خلقه، وهو كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] لأن قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: ٥] مشعر إلى أنه إذا أخطأ الطريق فسيكون من أسفل السافلين أي: النار.
وقوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} يستثنى من هؤلاء الإنسان الذي لم يخطئ الطريق، وأدرك مقاصد حياته من خلقه، فتبع الرسل، وعمل وفق شرائعهم، فلهم عند الله أجر عظيم لا ينقطع أبدا.
وقوله: {بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} أي: أنه أقوى الحاكمين، وفي كل قضائه حكمة ومصلحة.
وقد روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين".
رواه أحمد (٧٣٩١) والترمذي (٣٣٤٧) وأبو داود (٨٨٧) كلهم من حديث إسماعيل بن أمية، سمعه من شيخ، فقال مرة: سمعته من رجل من أهل البادية أعرابي، سمعت أبا هريرة يقول: فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل رجل لم يُسَمَّ.
قال الترمذي: "هذا حديث إنما يروى بهذا الإسناد عن هذا الأعرابي، عن أبي هريرة، ولا يُسَمَّى".