للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ} [سورة الفرقان: ٧]، هكذا وقعت خارجةً عن أوضاع الخط العربي، وخط المصحف سنّةٌ لا تغير".

وعليه جرى عمل المسلمين إلى يومنا هذا. ومن خالف ذلك فلا عبرة له بمخالفتهم.

وأما تنقيط القرآن فلم ينقل عن أحد من السلف ما يخالف ذلك، وقد سئل الحسن وابن سيرين وغيرهما عن هذا فقالا: لا بأس به.

ونقل البيهقي في شعب الإيمان (٤/ ٢١٩) عن الحليمي قال: "ولأن النقطة ليست بمقروءة، فيتوهم لأجلها ما ليس بقرآن قرآنا، وإنما هي دلالات على هيئة المقروء، فلا يضر إثباتها لمن يحتاج إليها".

القراءات:

من الخطأ أن يظن: إن القراءات السبع المشهورة الآن هي المرادة بالأحرف السبعة المذكورة في الحديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" لأن المصحف العثماني كُتبَ على حرف واحد وهو لغة قريش.

وأما القراءات فهي ليست محصورة على السبع، بل وصلت القراءات المتواترة إلى عشر، ويذكر أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو حاتم السجستاني، وأبو جعفر الطبري أكثر من ذلك.

وتعدّد القراءات كان معروفا في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، تلقّاه من ربه بواسطة جبريل عليه السلام، وكان نسخ المصاحف العثمانية تتضمن هذه القراءات. فكان أهل كل مصر يقرأه على ما تلقاه من قراءات الصحابة والتابعين مما يوافق رسم المصحف. وبقي بعض القراءات خارجةً عن هذا الرسم. ولما أجمع الصحابة على المصحف العثماني اعتبرت هذه القراءات شاذّة.

ومن الخطأ أن يقال عن هذه القراءات المتواترة أن منشؤها الرسم العثماني؛ فإن الرسم العثماني لا يُنشيء القراءة، ولكنه يحكم عليها.

وأما السبب في الاقتصار على السبعة فإن الرواة عن هؤلاء الأئمة القُرّاء كانوا كثيرين، فلما تقاصرت الهممُ، اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظُه، وتنضبط القراءةُ به.

قال السيوطي نقلا عن مكي بن أبي طالب القيسي: "وقد صنف ابن جبير المكي قبل ابن مجاهد (ت ٣٢٤ هـ) كتابا في القراءات فاقتصر على خمسة، اختار من كل مصر إماما، وإنما اقتصر على ذلك لأن المصاحف التي أرسلها عثمان كانت خمسة إلى هذه الأمصار، ويقال: إنه وجّه بسبعة: هذه الخمسة، ومصحفا إلى اليمن ومصحفا إلى البحرين، لكن لما لم يُسمع لهذين المصحفين خبر، وأراد ابن مجاهد وغيره مراعاة عدد المصاحف استبدلوا من مصحف البحرين واليمن قارئَين كمل بهما العدد، فصادف ذلك موافقة العدد الذي ورد الخبر به، فوقع ذلك لمن لم يعرف أصل المسألة، ولم تكن له فطنة، فظن أن المراد بالأحرف السبعة، القراءات السبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>