إحداهما: عون بن عمرو أخو رباح بن عمرو يقال عوين أيضًا بصري ضعيف. قال ابن معين: لا شيء، وقال البخاري: منكر الحديث مجهول.
وأورد الذهبي في ميزانه هذا الحديث لذكر مناكيره.
والثانية: أبو مصعب المكي قال فيه العقيلي: مجهول وقال الذهبي في الميزان: لا يعرف.
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٤/ ٤٥٣ - ٤٥٤)"هذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه. وقد رواه الحافظ أبو نعيم من حديث مسلم بن إبراهيم وغيره، عن عون بن عمرو - وهو الملقب بعُوين - بإسناده مثله، وفيه أن جميع حمام مكة من نسل تينك الحمامتين، وفي هذا الحديث أن القائف الذي اقتفى لهم الأثر: سراقة بن مالك المدلجي، وقد روى الواقدي عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه أن الذي اقتفى لهم الأثر: كُرز بن علقمة" انتهى.
قلت: اللفظ الذي ساقه ابن كثير عن الحافظ ابن عساكر جاء فيه ذكر سراقة بن مالك. وعلاوة على ذلك فإن أبا بكر أمر ابنه عبد الله أن يسمع ما يقوله الناس فيأتيه بالليل في الغار، ثم يرجع إلى مكة في السحر كما عند البخاري في حديث الهجرة الطويل (٣٩٠٥)، وكذلك أمر مولاه عامر بن فُهيرة أن يرعى غنمه نهاره فإذا أمسى أتى بها ليطعما من ألبانها، وكذلك كانت أسماء تأتيهما بالطعام في كل مساء، فإذا كان على الغار نسيج العنكبوت أونبت عليه الشجرة فكيف يتمكن هؤلاء الدخول فيه والخروج منه كل يوم.
والخلاصة فيه كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية: قوله هنا: {لَا تَحْزَنْ}: نهي يشمل الهم مما وقع وما سيقع؛ فهو صالح للماضي والمستقبل. والحزن: تألّم النفس وشدة همها.
{إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}: وهذه المعية خاصة، مقيدة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وتقتضي مع الاحاطة التي هي المعية العامة النصر والتأييد. ولهذا وقفت قريش على الغار، ولم يبصروهما! أعمى الله أبصارهم.
وأما قول مَن قال: فجاءت العنكبوت فنسجت على باب الغار، والحمامة وقعت على باب الغار، فلما جاء المشركون، وإذا على الغار حمامة وعش عنكبوت، فقالوا: ليس فيه أحد؛ فانصرفوا. فهذا باطل! !
الحماية الإلهية والآية البالغة أن يكون الغار مفتوحًا صافيًا؛ ليس فيه مانع حسي، ومع ذلك لا يرون مَن فيه، هذه هي الآية أ!
أما أن تأتي حمامة وعنكبوت تعشش؛ فهذا بعيد، وخلاف قوله:"لو نظر أحدهم إلى قدمه، لأبصرنا". انتهى قوله.