"وكنت أظن أن عطاء عن رافع بن خديج مرسل حتى تبين لي أن أبا إسحاق أيضًا عن عطاء مرسل، فذكر الإسناد الذي فيه الواسطة بين أبي إسحاق وعطاء.
ونقل الخطابي في معالم السنن عن البخاري تضعيف هذا الحديث إلا أنه نقل بالمعنى، فإن البخاري قال -كما في "العلل الكبير" (٤/ ٥٦٤) -: هو حديث شريك الذي تفرّد به عن أبي إسحاق. وقال: نا معقل بن مالك، عن عقبة بن الأصم، عن عطاء قال: نا رافع بن خديج بهذا الحديث". وليس فيه التصريح بأنه ضَعَّفَ الحديث.
وأما قول ابن عدي: الإرسال بين أبي إسحاق وبين عطاء فتعقبه ابن التركماني في الجوهر النقي، فقال: وأخرج البخاري في كتاب الحج من صحيحه من حديث أبي إسحاق قال: سألت مسروقا وعطاء ومجاهدا، فقالوا: أعتمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذي الحجة قبل أن يحج. وهذا تصريح بسماع أبي إسحاق من عطاء". انتهى.
وأما قول البخاري -كما نقله الترمذيّ- بأنه حديث حسن، فإما أن يحمل على أنه قول حسن، أو حسن بمجموع طريقيه، وإن كان في الطريق الثاني عقبة بن الأصم لا يحتج به، كما قال البيهقي، وذلك إذا انفرد، ولكن هذا الطريق يصلح أن يكون متابعا للطريق الأول، وبهذا صح قول البخاري بأنه حديث حسن.
ويشهد له حديث سعيد بن المسيب عن رافع، كما سيأتي. وبه يقوي أبو حاتم الرازي هذا الحديث.
• عن أبي جعفر الخَطْمي قال: بعثني عمي أنا وغلاما له إلى سعيد بن المسيب. قال: فقلنا له: شيء بلغنا عنك في المزارعة؟ قال: كان ابن عمر لا يرى بأسا بها حتى بلغه عن رافع بن خديج، فأتاه، فأخبره رافع أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى بني حارثة، فرأى زرعا في أرض ظُهير، فقال: "ما أحسن زرع ظهير! " قالوا: ليس الظهير. قال: "أليس أرض ظهير؟ " قالوا: بلى، ولكنه زرع فلان. قال: "فخذوا زرعكم، وردوا عليه النفقة".
قال رافع: فأخذنا زرعنا، ورددنا إليه النفقة.
قال سعيد: أفقر أخاك أو أكره بالدراهم.
صحيح: رواه أبو داود (٣٣٩٩)، والنسائي (٣٨٨٩)، والبيهقي (٦/ ١٣٦) من طريق أبي داود - كلّهم من حديث يحيى بن سعيد، ثنا أبو جعفر الخطمي قال فذكره.
وإسناده صحيح. وأبو جعفر الخطمي هو عمير بن يزيد الأنصاري، ثقة، وثقه ابن معين والنسائي وابن مهدي وابن نمير والعجلي وابن حبان وغيرهم.
وأما قول البيهقي: "ولم أر البخاري ومسلما احتجا به في حديث فهو قول غير مقبول؛ فإن