وخالفه معمر فرواه عن حميد الأعرج، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ، عن رجل من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "خطب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - النّاس بمنى، ونزّلهم منازلهم، وقال:"لينزل المهاجرون ها هنا"، وأشار إلى ميمنة القبلة. "والأنصار ها هنا" وأشار إلى ميسرة القبلة. "ثم لينزل الناس حولهم" وذكر بقية الحديث.
رواه الإمام أحمد (١٦٥٨٨) -وعنه أبو داود (١٩٥١) - عن عبد الرزاق، عن معمر، بإسناده.
إن كان هذا محفوظًا فلا يضر إبهام الرجل لأنه صحابي، والصواب ما رواه عبد الوارث، وابن المبارك بدون ذكر الرجل المبهم، وهو الذي صحّحه البيهقي إلا أنه أعلّه بالإرسال، فقال:"زعموا أن محمد بن إبراهيم التيمي لم يدركه، وروايته عنه مرسلة".
كذا قال! ولم يذكر أصحاب المراسيل أن روايته عن عبد الرحمن بن معاذ مرسلة. وقد نصُّوا على عدد من الصحابة لم يسمع منهم، وليس فيهم عبد الرحمن بن معاذ. فالأصل فيه أنه متصل حتى يأتي ما يخالفه.
بل قال أبو حاتم:"لم يسمع من جابر ولا من أبي سعيد". قال الحافظ في التهذيب:"وحديثه عن عائشة عند مالك والترمذي وصحّحه، وعائشة ماتت قبل أبي سعيد وجابر".
وفيه إشارة إلى عدم رضا الحافظ بقول أبي حاتم.
وقول البيهقي:"زعموا" ليس صريحًا في نفي السماع منه، والله أعلم.
• عن أبي نضرة حدّثني من سمع خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وسط أيام التّشريق، فقال: يا أيّها النّاس، ألا إنّ ربكم واحد، وإنّ أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى. أبلّغت؟ ! ". قالوا: بلَّغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم قال: "أيُّ يومٍ هذا؟ ". قالوا: يوم حرام. ثم قال: "أيُّ شهر هذا؟ ". قالوا: شهر حرام. قال: ثمّ قال: "أيُّ بلد هذا؟ ". قالوا: بلد حرام. قال: "فإنّ الله قد حرّم بينكم دماءكم وأموالكم". قال: ولا أدري قال: "أو أعراضكم" أم لا؟ "كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، أبلغت؟ ". قالوا: بلّغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: "ليِبُلِّغ الشّاهدُ الغائبَ".
صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٣٤٨٩) عن إسماعيل، حدّثنا سعيد الجريريّ، عن أبي نضرة، فذكره. وإسناده صحيح. وإسماعيل هو ابن عليّة.
وأبو نضرة اسمه: المنذر بن مالك بن قطعة العبديّ. والصحابي المبهم لعلّ هو جابر كما جاء التصريح به في رواية أبي نعيم في الحلية (٣/ ١٠٠) من طريق سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن