قال: حدثني رجل من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث.
وإسناده صحيح. ومرة الطيب هو مرة بن شراحيل الهمدانيّ أبو إسماعيل الكوفيّ وهو يعرف بمرة الطّيب وهو من رجال الجماعة.
وقد رواه النسائي في الكبرى (٤٠٩٩)، ومسدد في "المسند" كما ذكره البوصيريّ في زوائد ابن ماجه، والطحاويّ في "شرح مشكل الآثار" (٤٢) كلّهم من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
والرّجل المبهم من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يعرف من هو؟ ولا تضر جهالته.
ولكن رواه ابن ماجه (٣٠٥٧) من وجه آخر عن زافر بن سليمان، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله -وهو على ناقته- المخضرمة بعرفات، فقال: فذكر الخطبة مختصرًا.
فخالف زافر بن سليمان وهو الإيادي القهستاني في موضعين: أحدهما أنه جعل الحديث من مسند ابن مسعود. وغيره جعله عن صحابي مبهم غير مسمّى. والثاني جعل الخطبة ليوم عرفة، وغيره جعله ليوم النّحر.
وزافر بن سليمان هذا مختلف فيه، فوثّقه أحمد وابن معين وأبو داود وغيرهم، وضعّفه النّسائي وغيره، والخلاصة فيه أنه كما قال ابن عدي: "كأنّ أحاديثه مقلوبة الإسناد والمتن، وعامّة ما يرويه لا يتابع عليه، ويكتب حديثه مع ضعفه".
وهذا الحديث خالف من هو أوثق منه في الإسناد والمتن، فالمحفوظ حديث رجل من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم النّحر.
ولم ينتبه إلى هذه العلّة الخفيّة البوصيريّ في "مصباح الزّجاجة"، فقال: "هذا إسناد صحيح".
• عن رافع بن عمرو المزنيّ، قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب النّاسَ بمنى حين ارتفع الضُّحى على بغلة شهباء، وعلي رضي الله عنه يعبّر عنه، والنّاس بين قاعد وقائم.
صحيح: رواه أبو داود (١٩٥٦)، والنسائيّ في الكبرى (٤٠٩٤) كلاهما من طريق مروان (وهو ابن معاوية الفزاريّ)، عن هلال بن عامر المزني، قال: حدّثني رافع بن عمرو المزني، فذكره. وإسناده صحيح.
وأخطأ أبو معاوية -وهو محمد بن خازم الضّرير- فجعل الحديث من مسند عامر بن عمرو المزني والد هلال بن عامر المزني.
ومن هذا الطريق رواه الإمام أحمد (١٥٩٢٠)، وأبو داود (٤٠٧٣).
وقد نبّه البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٣٠٢) فروى أولًا حديث رافع بن عمرو، ثم ذكر رواية أبي معاوية وقال: "والأول أصح".