في الحجامة للصائم.
وقال الدارقطني: "كلهم ثقات. ورواه الأشجعي أيضًا وهو من الثقات". ثم رواه من طريق الأشجعي عن سفيان، به. مع ذكر القُبلة.
وأشار البيهقي إلى هذه المتابعات، فقال: "وقد رُوي من وجه آخر عن أبي المتوكل مرفوعًا".
ثم رواه من طريق الدارقطني كما ذكرت.
ثم وقفت على كلام الدارقطني في العلل (٢٣٣٠)، فقال: "والذين رفعوه ثقات، وقد زادوا، وزيادة الثقة مقبولة".
إلّا أن أبا حاتم رجّح أن يكون موقوفًا، وخطَّأ كلَّ من رفعه حتى قال: "وهم فيه أيضًا معتمر وهو قد تُوبع". انظر: العلل (١/ ٢٣٢).
قلت: على فرض صحة أنه موقوف على أبي سعيد، وأنه من قوله فحكمه الرفع؛ لأن الرخصة لا تكون من عنده، ولا من عند أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما تكون من الشارع.
ولحديث أبي سعيد الخدري أسانيد أخرى إلا أنها كلَّها ضعيفة.
منها ما رُوي "لا يُفطر من قاء ولا من احتجم، ولا من احتلم".
رواه الترمذي (٧١٩)، والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي سعيد، فذكره.
قال الترمذي: "حديث أبي سعيد حديث غير محفوظ".
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ليس بالقوي كما قال البيهقي: "والصحيح رواية سفيان الثوريّ وغيره عن زيد بن أسلم، عن رجل من أصحابه، عن رجل من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".
قلت: وهو كما قال. فقد رواه أبو داود (٢٣٧٦)، وابن خزيمة (١٩٧٥) من حديث سفيان الثوريّ، عن زيد بن أسلم، بإسناده، مثله.
ورواه عبد الرزاق (٧٥٣٨) من وجهين عن الثوريّ، بإسناده ولم يرفعه، وعن معمر، عن زيد بن أسلم، ورفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وفي الجميع رجل مجهول، لم يسم مع اضطراب في إسناده فمرة رفعه، وأخرى وقفه.
وضعّفه أيضًا المنذريّ، وهذه الأسانيد الضعيفة لا عل الأسانيد الصحيحة.
وأمّا ما رواه ابن خزيمة بإسناد صحيح (١٩٧١) من قول أبي سعيد: "إنما كرهتُ الحجامة للصائم مخافة الضّعف".
فهذا التعليل من أبي سعيد. وكذلك قول أبي سعيد: إنما كانوا يكرهون. قال: أو قال: يخافون الضعف، ليس فيه شيء عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حتى يعارض قوله المطلق: "رُخص للصّائم" أو "أرخص النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للصائم" مع بقاء الكراهة؛ لأنَّ النهي إذا رفع يكون مباحًا مطلقًا للجميع بدون