البزار رجال الصحيح".
قلت: وهو كما قال إلّا أن في الإسناد محمد بن الفضل السدوسي أبو النعمان المعروف بعارم وثقه جماهير أهل العلم إلّا أنه تغير في آخر عمره كما قال البخاريّ.
وقال أبو حاتم: "اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح".
قلت: ولم يذكر أحدٌ أن محمد بن بشار ممن سمع منه بعد الاختلاط.
ورواه ابن خزيمة في صحيحه (٢٤٣٠) من وجه آخر عن أنس بن مالك، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "افتدوا من النار ولو بشقّ تمرة". وفيه سنان بن سعد الكنديّ، ويقال: سعد بن سنان الكنديّ ضعيف.
وفي الباب ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: "اتقوا النّار ولو بشقّ تمرة". رواه البزّار -كشف الأستار (٩٣٧) - عن أحمد بن عبدة، أبنا عثمان بن عبد الرحمن، قال: محمد بن زياد، عن أبي هريرة، فذكره.
قال البزّار: "قد رُوي عن أبي هريرة من غير هذا الوجه، وهذا الإسناد عن أبي هريرة أحسن إسناد يروى في ذلك وأصحه.
قلت: إنّ كان هذا أصحّه فغيره أضعف منه، مع أن فيه عثمان بن عبد الرحمن وهو الجمحيّ، قال البخاريّ: "مجهول". وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي يكتب حديثه ولا يحتج بها. وقال: ابن عدي: "منكر الحديث". وساق في ترجمته عدّة أحاديث منكرة وقال: وهذه الأحاديث لعثمان التي ذكرتها عامتها لا يوافقه عليها الثقات، وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه مناكير إمّا سندًا وإما متنًا".
قلت: حديثه هذا ليس فيه نكارة، ولم يذكره ابن عدي في جملة الأحاديث التي أُنكرت عليه، وقال الذهبي في "الميزان": "رُوي عنه علي بن المديني ونصر بن علي وجماعة، وعاش بعد الثمانين ومائة صويلح".
وفهم الهيثميّ من كلام البزّار أنه حسّن حديثه. "المجمع" (٣/ ١٠٦) فالله أعلم بالصّواب.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليتّق أحدُكم وجهه النار، ولو بشقِّ تمرة".
رواه الإمام أحمد (٣٦٧٩) عن عمار بن محمد، عن إبراهيم، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، فذكره.
وإبراهيم هو مسلم العبدي أبو إسحاق الهجري ضعّفه جمهور أهل العلم منهم: ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وأبو أحمد الحاكم، وغيرهم. وهو من رجال ابن ماجه.
ووهم الحافظ الهيثمي في "المجمع" (٣/ ١٠٥) فقال بعد أن عزاه لأحمد: "رجاله رجال الصحيح". وهو ليس كذلك.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن النعمان بن بشير، رواه البزّار -كشف الأستار (٩٣٥) -، وفيه أيوب