للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن سبَّ الشيطان بلسانه ثم ساعده بعمله، ووافقه بما يهواه فهو عبد الشيطان لا عبد خالقه ومولاه؛ قال الله سبحانه: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية: ٢٣]، وقال الواحد المنان: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ [يس: ٦٠].

وما كثَّرنا الكلام إلا لأن طبع الآدمي ثقيل، محتاج إلى تزويق الكلام وإلى التطويل، ولو عمل بآية من كتاب الله تعالى وهو قوله: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)[الزلزلة: ٧ - ٨]. أو عمل بحديث من أحاديث رسول الله ما كان يحتاج إلى غيره، وهو قوله : «من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (١)، فقد علمت أن النفس ثقيلة، ولذلك يعصي الله سبحانه ويخالف أوامره الجليلة.

قال أبو يزيد: لو أن زمامي بيد كلب، كان أحب إليَّ من أن يكون زمامي بيد نفسي (٢).

وقال بعض العارفين: من ذاق طعم نفسه قلَّ فلاحه. نسأل الله العظيم الذي أذاقنا طعم أنفسنا أن يذيقنا حلاوة حبه. واعلم أنه لا يجد طعم حبِّ الواحد الخلاق إلا كل عبد تقي زاهد مشتاق.

تَمَّ كتاب اللمع في الحوادث والبدع (٣).

غفر الله لمؤلفه ولقارئه ولسامعه، ولمن عمل بالسنة واتبع، ولمن أصلح شيئًا قاله المؤلف، فخرج بذلك الشيء عن السنة، وفي البدعة وقع وخالف أهل الدين والورع.


(١) سبق تخريجه.
(٢) لم أقف عليه وأبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي (١٨٨ - ٢٦١ هـ)، ويقال بايزيد، زاهد مشهور، له أخبار كثيرة. نسبته إلى بسطام بلدة بين خراسان والعراق أصله منها، ووفاته فيها.
(٣) هنا خاتمة النسخة المصرية (ق)، ونصُّها: (تمَّ كتاب اللمع بحمد الله تعالى ومنِّه غفر الله تعالى لمؤلفه وكاتبه والواقف عليه ولوالديهم ولجميع المسلمين آمين وصلى الله على محمد خير خلقه وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>