للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلَّها أبو بكر على المقام الأكمل المثبت للآثار (١)، قال الله تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: ١٤]. وقال رسول الله : «لا يشكر الله (من لا) (٢) يشكر الناس» (٣). وكانت هي في ذلك الوقت غائبة عن الآثار، لم تشهد غير الواحد القهار (٤).


(١) في «الحكم»: (على مقام البقاء المقتضي لإثبات الآثار).
(٢) في (خ، ط): إلا من.
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٢٥٨ (٧٥٠٤)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٢١٨)، وأبو داود في «سننه» (٤٨١١)، والترمذي في «جامعه» (١٩٥٤)، وابن حبان في «صحيحه» (٣٤٠٧) من حديث أبي هريرة .
وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٦٦٠١).
(٤) من قوله: (ثم اعلم … ) إلى هنا منقول من «الحكم» لابن عطاء الله السكندري. وكلامه فيه على طريقة الصوفية في الدندنة حول معاني وحدة الوجود، وتأويله لطلب أبي بكرٍ كما ذكر، والصواب: أم عائشة وجواب ابنتها أم المؤمنين ؛ هو من محض خياله وتكلفه وتقوِّله عليهم بغير علم، وإنَّا لنجزم أن مثل هذا الهراء لم يخطر علي بالهم، ولا عرفوا تقسيمات الصوفية المخترعة، وغاية ما هنالك أنَّ عائشة وجَدَت في نفسها على رسول الله لأنه لم يبادر إلى التكذيب الجازم لما تكلم به بعضهم من الإساءة إلى عرضه وفي فعله حكمٌ عظيمة ستأتي الإشارة إليها في كلام ابن حجر، وقد بيَّنت عائشةُ ذلك في سياق حديثها في «الصحيحين»، فقالت وقد ذكرت حزنها وبكاءها: دخل رسول الله فجلس، ولم يجلس عندي من يوم قيل فيَّ ما قيل قبلها، وقد مكث شهرًا لا يوحى إليه في شأني شيء، قالت: فتشهَّد ثم قال: «يا عائشةُ! فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإنْ كنتِ بريئةً، فسيبرِّؤك الله، وإن كنت ألممتِ بذنبٍ، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب تاب الله عليه»، فلما قضَى رسولُ الله مقالته، قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرةً، وقلت لأبي: أجبْ عنِّي رسول الله ! قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ! فقلت لأمي: أجيبي عنِّي رسول الله فيما قال! قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ! قالت: وأنا جاريةٌ حديثة السِّنِّ، لا أقرأ كثيرًا من القرآن، فقلت: إنِّي والله لقد علمتُ أنكم سمعتم ما يتحدَّث به الناس، ووَقَر في أنفسكم، وصدَّقتم به، ولئن قلتُ لكم: إني بريئة واللهُ يعلمُ أنِّي لبريئةٌ لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفتُ لكم بأمر والله يعلم أنِّي بريئة لتصدقنِّي! والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف إذ قال: ﴿فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون﴾ [يوسف: ١٨]. ثم تحوَّلت على فراشي، وأنا أرجو أن يبرِّئني الله، ولكن والله ما ظننتُ أن يُنزل في شأني وحيًا، ولأنا أحقر في نفسي من أن يتكلَّم بالقرآن في=

<<  <  ج: ص:  >  >>