للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تستنبط من الله سبحانه الجود والنوال، ولكن استنبط من نفسك وجود الطاعة والإقبال، مَنْ لم يعرف قدر النِّعم في وجدانها، عرفها بوجود فقدانها، لا يدهشك واردات النعم عن القيام بحقوق شكر (١) الله تعالى، فإن ذلك مما يحط من وجود قدرك.

تمكن حلاوة الهوى من القلب هو الداء العظيم، لا يغسل الشهوة من القلب إلا خوف مزعج، أو شوق مقلق، كما أن الله لا يحب العمل المشترك، كذلك لا يحب القلب المشترك، من أخلص عمله لله تعالى قبله، ومن أخلص قلبه أقبل عليه (٢).

بوجود الإخلاص زكت الأعمال، ووصل العُمَّال، قال المولى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥]. متى حصل في القلب الإخلاص، وذهب منه البدع والأكدار، بُدِّل ليل فاعله بنهار، أي بدل ليل المعصية بنهار الطاعة، كان بعضهم يقول:

ليلي بوجهك مشرق … وظلامه (٣) في الكون ساري

فالناس في سدف الظلام … ونحن في ضوء النهار

والأنوار على أقسام: نور أُذن له في الوصول، ونور أُذن له في الدخول (٤)، وربما وردت الأنوار، فوجدت القلب قد امتلأ بصور الآثار، فارتحلت من حيث نزلت، فالنور الذي أذن له بالدخول إن وجد القلب خاليًا، وإلا أزال (ما فيه من) (٥) الكدر ثم نزل؛ قال الله تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ [الأنبياء: ١٨]. يا عبد الله، طهِّر المنزِل


(١) في (ق): ذكر.
(٢) في «الحكم العطائية»: «لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق»، «كما لا يحب العمل المشترك لا يحب القلب المشترك، العمل المشترك لا يقبله، والقلب المشترك لا يُقبل عليه».
(٣) في (ق): وكلامه.
(٤) في «الحكم العطائية»: «أنوار أذن لها في الوصول وأنوار أذن لها في الدخول».
(٥) في (ق): منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>