للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الويل لمن قدِّر عليه الشرَّ والبدع والعصيان، ويلقى الله تعالى وهو عليه غضبان.

ثم اعلم بأن الله سبحانه خلق الجنة والنار، لا تبيدان ولا تفنيان، وخلق لهما أهلًا لا يزيدان، ولا ينقصان، فترى كل أحد يعمل لما خُلِق له، وما قدر عليه في الأزل.

والخير والشرُّ مقدران، كتب الله سبحانه مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض حتى الكيس والمهان، والأعمال بالخواتيم.

وما من أحدٍ إلا وقد كتب مقعده من الجنة أو النيران، فالسعيد سعيد، والشقي شقي، وهم من أصلاب آبائهم، وقد جفَّ القلم بما هو كائن وما كان، فمن كان من أهل السعادة فَسَيُيَسَّرُ لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشر والطغيان، لا يكون شيئًا بغير قضاء الله.

وأن العبد غير زائل عن (١) قضاء الواحد الديان (٢)، لا حول ولا قوة إلا بالله تفسيرها: لا حول، ولا حيلة، ولا حركة، ولا تحوُّل لأحدٍ عن معاصي الله إلا بمعونة الله تعالى، ولا قوة ولا طاقة لأحد على طاعة الله إلا بالله. ولا يثبت عليها إلا بتوفيق الله سبحانه جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، غلبت مشيئته المشيئات، وغلب قضاؤه الحيل، والحذر لا يرد القضاء والقدر.

ونسمِّي أهل القبلة مؤمنين، ما داموا على ما جاء به رسول الله معترفين مصدقين بكل ما قاله، وأخبر به، لا نكفر أحدًا منهم بذنب، ما لم يستحله (٣)، ونرجو لمحسنهم، ونخاف على مسيئهم، ولا نؤمِّن أحدًا من أهل الطاعة، ولا نقنط أحدًا من أهل المعصية.


(١) في (خ): من.
(٢) في (خ): المنان.
(٣) في (ط): يستعمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>