للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعدائه في هذه الدار. وتصير إن شاء الله حجابًا في الآخرة بينه وبين النار، وقد نجَّى الله تعالى نوحًا وقومه بنصف البسملة، فكيف لا ينجِّي المؤمن بكلها؟! وكان إذا قال: بسم الله. جَرَت، وإذا قال: بسم الله. رَسَت، قال الله تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: ٤١].

واعلم أن أبناء الدنيا يجعلون أسماء ملوكهم وكبرائهم على الأشياء؛ لكي لا يطمع فيها العدو، فكان الحق سبحانه يقول: عبدي إذا شرعت في عمل، فاجعل عليه اسمي، وقل: بسم الله الرحمن الرحيم، لكي تقع بركة اسمي عليك؛ فلا يصل عدوك إليك.

وفي الحديث: «من رفع قرطاسًا من الأرض فيه بسم الله الرحمن الرحيم إجلالًا لله تعالى، كتبه الله تعالى من الصديقين، وخفف عن والديه، وإن كانا مشركين» (١).

وكان سبب توبة بشر بن الحارث الحافي (٢)، أنه مر بقرطاس في الطريق تطؤه الأقدام فرفعه، وإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم، فمسحه وقبَّله، وكان معه درهمان لا يملك غيرهما، فاشترى بهما غالية، وطيب بها (٣) القرطاس، فرأى تلك الليلة قائلًا يقول في منامه: يا بشر، رفعت اسمنا عن الطريق وطيبته؛ لأطيبن (٤) اسمك في الدنيا والآخرة (٥).

ومعنى قول العبد: بسم الله الرحمن الرحيم: أي بدأت بعون الله، وبركته، وتوفيقه، وهو تعليم من الله تعالى لعبيده.


(١) أخرجه أحمد في «الورع» (ص ٩١)، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١٢/ ٢٤١.
وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (٢٦٨): موضوع.
(٢) هو العابد الزاهد بشر بن الحارث بن علي بن عبد الرحمن المروزي (١٥٠ - ٢٢٧ هـ) المعروف بالحافي: من كبار الصالحين، له في الزهد والورع أخبار، وهو من ثقات رجال الحديث، من أهل (مرو) سكن بغداد وتوفي بها.
(٣) في (خ): ومسحه في.
(٤) في (ق): لنطيبن.
(٥) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» ٨/ ٣٣٦، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١٠/ ١٨١ به.

<<  <  ج: ص:  >  >>