للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحباب، كان ملكًا عظيمًا، فصار شيطانًا رجيمًا (١)، فإن عوَّق المسلم عن الصلاة بالكلية، فقد ابتلي بمعصية عظيمة وبلية، وخالف الحق سبحانه، وخرج عن طريق خير البرية، قال الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الروم: ٣١]، وقال : «بين أمتي والشرك والكفر ترك الصلاة» (٢). وقد صحَّ أيضًا في الخبر: «من ترك الصلاة عامدًا

متعمدًا فقد كفر» (٣).

فانظر رحمك الله! إلى هذا التهديد والتوكيد الشديد، ومع ذلك كله لا ينتفع الغافل به؛ لأن القلوب بيد الله تعالى، فلا يكون أبدًا إلا ما يريد.

قال بعضهم:

قل لمن أعرض عنَّا … إن إعراضك منَّا

لو أردناك لأضحى … كلُّ ما فيك يردنا

ولهذا الترك سبب: وهي ذنوب سبقت؛ لأن المعاصي تسود القلب،


(١) لم يكن إبليسُ قطُّ من الملائكة، بل كان من الجنِّ بصريح القرآن، لكنه كان صالحًا مقرَّبًا ففسق عن أمر ربِّه، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠)﴾ [الكهف: ٥٠].
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ٣٧٠ (١٤٩٧٩)، وعبد بن حميد في «مسنده» (١٠٢٢) بنحوه، ومسلم في «صحيحه» (٨٢)، والترمذي في «جامعه» (٢٦١٨، ٢٦١٩) من حديث جابر بن عبد الله ، ولفظه عن النبي قال: «بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة». وفي بعض الألفاظ: «بين الكفر والإيمان ترك الصلاة». وقد ورد من غير حديث جابر .
(٣) أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (٣٣٤٨)، ورجح الدارقطني إرساله، انظر «العلل» ١٢/ ٨٢، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٢/ ٢٦: رجاله موثقون إلا محمد بن أبي داود فإني لم أجد من ترجمه، وقد ذكر ابن حبان في «الثقات»: محمد بن أبي داود البغدادي فلا أدري هو هذا أم لا. وضعفه الألباني في «السلسلة الضعيفة» (٢٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>