للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل انظر لمن عصيت (١)، وجاء في الحديث: «لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار» (٢).

اعلم أنه يشق على النفس ترك المألوف، وإن كان ذلك لا يرضي المولى الرؤوف، ومن سوء عادة النفس إذا مكنت من الذنب الصغير تجر إلى الذنب الكبير: أمارة بالسوء؛ ولا ينبئك مثل خبير، لا تسمع منها إذا قالت: اسع في زيارة الإخوان فتؤجر! وتروي لك الأخبار: لا تلقي نفسك في النار! ما هذا زمن اجتماع، قلَّ أن يجلس الرجل مجلسًا لا يعصي الله فيه، هذا زمانُ: اخف مكانك، واحفظ لسانك، وابك على خطيتك.

ولا تغبط من يكون معه من العبادة الظاهرة: كالعلم والزهد، وكثرة الصلاة، والصوم، والذكر وغيره؛ وعوائد (٣) الجلوس في الطرق والأسواق؛ لخروجه عن السنة، وعن طريق كل عبد صالح ومشتاق؛ لأن هذه الأشياء لا تغني المؤمن ولا يحتاج إليها.

وقال صلوات الله عليه وسلامه: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (٤)، فلو حسن إسلام المرء ما تعرض للمحن، ولا خرج عن السنن، وقد صح في الحديث: «إن الأسواق مجالس الشياطين» (٥)، فلذلك كرهها الله تعالى لعباده الصالحين.


(١) كذا في النسخ: (ولا تنظر الذنب)، والصواب: ( .. إلى الذنب). وهذا من كلام السلف، فقد أخرج الخطيب في «تاريخ بغداد» ١/ ٣٢١ عن التابعي العابد الفاضل بلال بن سعد قال: لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر من عصيت.
(٢) أخرجه الشهاب القضاعي في «مسنده» (٨٥٣) من حديث ابن عباس ، وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (٤٨١٠): منكر.
(٣) في (خ): وعادة. ومراد المصنف أن المشار إليه وهو صاحب عبادة ظاهرة قد ابتلي بعادة الجلوس في الطرق والأسواق.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وقد أخرج مسلم في «صحيحه» (٦٧١) (٢٨٨)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١٢٩٣) من حديث أبي هريرة ؛ أن رسول الله قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها».

<<  <  ج: ص:  >  >>