للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمم، فيجلس على رأس الحارات والدروب، ويكثر من الخطايا والذنوب، ويطلق نظره لمعصية علام الغيوب.

خرج رجلٌ في زمن مالك بن أنس ليصلي في المسجد مع الجماعة، فرأى محرَّمًا، فدعا على نفسه بالعمى، فعمي، فكان ولده يقوده إلى المسجد، فشغل يومًا الصبي باللعب، وأخذ الرجل بطنه فخاف الفضيحة، فدعا الله تعالى يرد بصره؛ (فردَّه الله تعالى عليه) (١)، قال الإمام مالك: رأيته بصيرًا ثم أعمى ثم بصيرًا (٢).

اعلم رحمك الله تعالى أن الجماعة ربحٌ؛ ولذلك قال المولى الغفور: ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ [فاطر: ٢٩]. والربح لا يكون إلا بسلامة رأس المال.

كان بعضهم يبيع الثلج، فذاب الثلج، فجلس يبكي، ويقول: ارحموا من ذاب رأس ماله (٣). وقد ذهب رأس عُمُرِ الغافل وهو يضحك، وضحك هذا المفتون مع هذه المصائب نوع من الجنون، فمثله كمثل المرأة المجنونة الذي مات ولدها، وهي تضحك.

(كان بعض الصالحين لا يزال باكيًا فقيل له: أنت طول دهرك باكيًا؟ قال: فبكى وقال: يحق لأهل المصائب أن يكونوا هكذا) (٤).

فإياك أيها المؤمن! أن تتهاون في النظر، واسأل الله تعالى اللطف في القضاء والقدر، وإياك أن يهونه الشيطان عليك ليصل شؤمه ووباله إليك بقوله: هو ذنب صغير؛ فإن الصغير بالمداومة يصير كبيرًا، ولا تنظر الذنب،


(١) في (ق): عليه.
(٢) أخرجه أبو بكر بن المقرئ في «معجمه» (٦٤)، واللالكائي في «كرامات الأولياء» (١٢٨). وذكره المؤلف في موضع سابق.
(٣) لم أقف على هذه الحكاية.
(٤) ليست في (ق). ولم أقف على هذه الحكاية، وقوله: (دهرك باكيًا) صوابه: (باكٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>