للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابك على نفسك أيها المغترُّ! بالدنيا، والسابق للبكاء أنا، واتَّعظ بمن هدم الموت منه أركان ما بنى؛ فأصبح في لحده مسكينًا ذليلًا؛ بعد العزِّ والجاه والغنى، واسمع ما قال بعض الفضلاء:

إن لله عبادًا فُطنا … طلَّقوا الدنيا وخافوا الفتنا

فكَّروا فيها فلما علموا … أنها ليست لحيٍّ سكنا

جعلوها لجَّةً واتخذوا … صالح الأعمال فيها سُفنا

قال العلماء (١): إن ثعلبة كان فقيرًا، (وكان يصلي الصلوات) (٢) خلف النبي فطلب (٣) الدعاء من النبي أن يوسِّع الله سبحانه عليه الدنيا، وعاهد الله سبحانه أن يكون في غناه صالحًا متصدقًا، فلما دخلت عليه الدنيا تمكَّن حبها من قلبه؛ فترك ما عاهد الله سبحانه عليه، وطغى في أفعاله وأقواله؛ أما الأفعال: فقلَّت صلواته خلف النبي ، ومنع الزكاة ونسي العهد. وأما في أقواله: لما سمع آية الزكاة قال: والله إنْ هي إلا أختُ الجالية (٤). فمات ثعلبة منافقًا، بعد ما كان موافقًا، وذلك في خلافة عمر . قال الله تعالى في حقه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: ٧٥ - ٧٧] (٥).


(١) في (ق): قيل.
(٢) في (ق): يصلي.
(٣) في (ق): فسأل.
(٤) قال الفيومي في «المصباح المنير»: قيل لأهل الذمة الذين أجلاهم عمر عن جزيرة العرب: جالية، ثم نقلت الجالية إلى الجزية التي أخذت منهم، ثم استعملت في كل جزية تؤخذ، وإن لم يكن صاحبها جلا عن وطنه، فيقال: استعمل فلان على الجالية، والجمع: الجوالي.
(٥) قصة ثعلبة مشهورة، وهي مع شهرتها منكرة لا تصحُّ، وقد أخرجها الطبراني في «المعجم الكبير» ٨/ ٢١٨ (٧٨٧٣)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤٣٥٧) من حديث أبي أمامة : أنَّ ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول الله فقال: يا =

<<  <  ج: ص:  >  >>