للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلك من كان قبلكم الدينار والدرهم، وهما مهلكاكم». رواه البزَّار (١). وقال صلوات الله عليه وسلامه: «هلك الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة» (٢)، وهذا الحديث فيه دليل أن الدنيا إذا زادت نقصت الآخرة، وإن كان الإنسان كريمًا على الله تعالى؛ (لذلك تركها الأولياء قبل أن تتركهم) (٣)، ولا خير في دنيا تنقص الآخرة، ولو دامت الدنيا لأهلها لا ينبغي أن يحسدوا عليها لنقص الآخرة، والأكدار في طرف العصا؛ لأنها إذا دخلت أشغلت وإذا ولَّت أحزنت. ويُخاف على المسلم أيضًا من الطغيان ومن طول الحساب؛ وأن لا يبلغه الله تعالى درجة الأحباب.

قال محمد بن واسع: رأيت كأني أستبق أنا وفلان إلى الجنة؛ فسبقني إليها، فقلت: بماذا سبقتني؟ فقيل لي: كان له ثوب واحد ولك ثوبان (٤).

وقال المؤلف: نخاف عليه من الطغيان؛ لقوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)[العلق: ٦ - ٧]، فإن سلَّمه الله تعالى من الطغيان ومن التوبيخ والملامة، فاعلم أن العطب فيها أكثر من السلامة.

قال لقمان لابنه: يا بني، الدنيا بحرٌ عميق، غرق فيه أناس كثيرون، فاجعل سفينتك فيه تقوى الله تعالى لعلك تنجو (٥)، ولا أراك ناجيًا (٦).


(١) أخرجه البزار في «مسنده» (١٦١٢)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٠٢٩٨) من حديث ابن مسعود .
وقد ورد من حديث أبي موسى ، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٢٤٥).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٢٠٥٤٧)، وأحمد في «مسنده» ٢/ ٣٠٩ (٨٠٨٥) من حديث أبي هريرة .
وقد ورد من حديث أبي ذر ، وصححه الألباني وانظر «السلسلة الصحيحة» (١٧٦٦).
(٣) ليست في (ق).
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) في (خ، ب): لعلك ناجٍ.
(٦) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٥٣٧)، وأحمد بن حنبل في «الزهد» (ص ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>