للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كان الشِّبليُّ يُنشد على سور عسقلان هذه الأبيات) (١):

إن بيتًا أنت ساكنه … غير محتاجٍ إلى السرج

ومريضًا أنت عائده … قد أتاه الله بالفرج

وجهك المأمول حجتنا … يوم يأتي الناس بالحجج (٢)

وقد جاءت الآثار وكثرت الأخبار أن مثل الدنيا والآخرة كضرَّتين: إن أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى، وأنهما بمنزلة المشرق والمغرب، إذا أقبلت على أحدهما استدبرت الأخرى، وأنهما بمنزلة كفتي الميزان؛ إذا رجح أحدهما نقص الآخر، قال بعض السلف: من زهد في الدنيا مع التنعم فيها، مثله كمثل من غسل يديه من الزفر بالسمك، ومثل من تعبد مع طلب الدنيا كمثل من يطفئ النار بالحلفاء (٣).

طلب الحواريون من عيسى بيتًا يعبدون الله فيه، فقال لهم: اذهبوا وابنوا بيتًا على الماء. فقالوا له: وهل يثبت بيتًا (٤) على الماء؟! فقال: وهل تصح عبادة مع حب الدنيا؟! (٥).


(١) في (ق): وأنشد.
(٢) أخرج نحوه الخطيب في «تاريخ بغداد» ١٤/ ٣٩٦.
(٣) هذا الكلام برمته في «قوت القلوب» لأبي طالب المكي ١/ ٤٣٥.
(٤) كذا، وصوابه: (بيتٌ).
(٥) ذكره الغزالي في «إحياء علوم الدين» ٤/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>