للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصلاح، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الكريم، وآله وصحبه وسلم، ما غاب نجم ولاح.

قال بعض العلماء: بلغنا أن جماعةً من الصحابة ومن التابعين تصدقوا بجميع أموالهم خوفًا من فساد قلوبهم، وأن يحجبوا عن محبوبهم. انظر أيها المؤمن! إن كان قلبك أصفى من قلوبهم، جاء في الحديث أن النبي قال لبعض أصحابه: «إن استطعت أنْ تلقَى الله فقيرًا ولا تلقاه غنيًّا فافعل» (١).

واعلم أن القلب له وجهة واحدة متى توجه إليها حجب عن غيرها، قال الله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ [الأحزاب: ٤]. فمتى تفرَّغ القلب من محبة الدنيا وأهلها، سكن فيه محبة الله تعالى، وكذلك جاء في الحديث المشهور: «إذا أحبَّ الله العبدَ زوَى عنه الدنيا» (٢).


(١) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (١٠٢١)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٣٥٢، وأبو نُعيم في «حلية الأولياء» ١/ ١٥٠ من حديث أبي سعيد الخدري، عن بلال قال: قال رسول الله : «يا بلال، الق الله فقيرًا ولا تلقه غنيًّا» قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله ؟ قال: «إذا رزقتَ فلا تَخْبَأْ، وإذا سُئلت فلا تمنع». قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: «هو ذاك، وإلا فالنار».
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وردَّه الذهبي بقوله: «واهٍ»، وأحسن، فهذا الحديث منكر، وإسناده ضعيف جدًّا. وخرَّجه الألباني في «الضعيفة» (٦٧٤٢). (ت)
(٢) حديث صحيح أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٤٢٩٦)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٢٦٧٣) و (٢٦٧٤)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٣٩٧)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٠٤٤)، والشجري في «أماليه» (٢٢٢٤) باللفظ الذي ذكره المصنف من حديث رافع بن خديج .
وأخرجه الترمذي (٢٠٣٦) عن محمود بن لبيد، عن قتادة بن النعمان: أن رسول الله قال: «إذا أحب الله عبدًا حماه الدنيا، كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء».
قال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب، وقد روي هذا الحديث، عن محمود بن لبيد، عن النبي ، مرسلًا.
وأخرجه أحمد ٥/ ٤٢٧ و ٤٢٨، والترمذي (٢٠٣٦) عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، أن رسول الله قال: «إن الله ﷿ ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، وهو يحبه، كما تحمون مريضكم من الطعام والشراب، تخافونه عليه».
قال الترمذي: وقتادة بن النعمان الظفري هو أخو أبي سعيد الخدري لأمه، ومحمود بن لبيد قد أدرك النبي ، ورآه وهو غلام صغير.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٢/ ٤٤٤ عن عاصم بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيد الخدري : أن النبي قال: «إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه».
قال الحاكم: كذا قال عن أبي سعيد وفي حديث عمارة بن غزية، عن قتادة بن النعمان، والإسنادان عندي صحيحان والله أعلم.
والحديث صححه الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (٣١٧٩ - ٣١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>