للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الويل لمن لعبت به الدنيا، ثم فقد قلبًا واعيًا، وطرفًا باكيًا، وعملًا زاكيًا، يكفي للعبد المبعود إقباله على نفسه وعلى هذا الوجود، وإعراضه عن السيد المعبود.

وهذه أمراض نسأل الله منها العافية، فكلُّ عليل يمكن علاجه (١) إلا عليلًا يعجبه مرضه، فما منع العباد من النفوذ إلى الله تعالى إلا إقبالهم على نفوسهم وجواذب التعليق بغير الله ، فكلما همَّت قلوبهم أن ترحل إلى الله تعالى جذبها ذلك التعلق، فالحضرة محرمة على من هذا وصفه، وممنوعة على من هذا نعته، فلا يطمعنَّ طامع أن يدخل الحضرة الإلهية وخلفه من يجذبه.

واسمع قول المولى الجليل الرحيم: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)[الشعراء: ٨٨ - ٨٩].

قال بعض العلماء: القلب السليم هو الذي لا تعلُّق له بشيء دون الله ﷿.

قال المؤلف (ألَّف الله قلبه على الإيمان، وسلَّمه والقارئ والسامع من الكفر والفسوق وحب الدنيا والعصيان) (٢): لما سمع الصالحون قوله : «الدنيا جيفة تتجافى عنها الأنفس العفيفة» (٣). ثم أقبلوا على الآخرة، واجتهدوا في إقامة الوظيفة، فلما علم الله تعالى صدقهم وضعفهم؛ أدركهم بقدرته اللطيفة، وهوَّن عليهم ما ثقل على غيرهم، فصارت بقدرته خفيفة.

قال علماء التفسير في قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٢٢] قالوا: هو التجافي عن دار الغرور، والإنابة


(١) في (خ، ب): العلاج فيه.
(٢) ليست في (ق).
(٣) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» ٨/ ٢٣٨ موقوفًا على عليٍّ بن أبي طالب .

<<  <  ج: ص:  >  >>