قال بعض العلماء: إن أكثر ما يجد المؤمن في صحيفته من الحسنات الهم والحزن.
قال المؤلف: ولَأَنْ يكونَ المؤمنُ في الدنيا مخمولًا مهمومًا، خيرٌ له من أن يكون كذلك في الآخرة؛ لأن هموم الدنيا فانية، وهموم الآخرة باقية، قال الله تعالى مخبرًا عن أهل النار: ﴿لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا﴾ [طه: ٧٤]. تفسيره: لا يموت في جهنم فيستريح، ولا يحيا حياة تنفعه.
قال الثوريُّ يومًا بين يدي رابعة: واحزناه. قالت: لا تكذب، لو كنت محزونًا ما هنأ لك العيش (١).
انظر رحمك الله! إلى خوف هؤلاء السادة مع الزهد والعبادة، وإلى أمْنِنَا مع حبِّ الدنيا والمخالفة لعالم الغيب والشهادة.
ثم اعلم بأن الخوف مع وجود الطاعة والاستقامة هما طريق من أخذ الله تعالى بيده وأقامه، وهما نعمتان عظيمتان؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)﴾ [الرحمن: ٤٦]. فإن قيل لك: أتخاف الله تعالى، ولم يظهر فيك صفات الخائفين! فاسكت؛ لأنك إن قلت: نعم. تقع في الكذب، وإن قلت: لا. فتكفر.
ثم اعلم بأنَّ القبض والخوف أقرب إلى وجود السلامة من البسط؛