للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الصحابي إذا أصبح كأنه خرج من قبر من قوة خوفه وكثرة اجتهاده، وكانت زوجة الصحابي تتعلق به قبل خروجه من بيته وتقول: الله الله فينا، لا تدخلوا فيما لا يحل لكم لأجلنا، نصبر على الجوع ولا نصبر على النار (١).

وخرج بعض الصحابة بعدما صلى العشاء خلف النبي يريد بيته، فوقف يتفكر في الطريق حتى أذَّن بلال الفجر، فرجع وصلى مع النبي صلاة الصبح بوضوء العشاء (٢).

وروي أن جماعةً من الصحابة ومن التابعين أجمعين صلُّوا بوضوء العشاء الصبحَ أربعين سنة، ومن جملتهم أبو حنيفة (٣). (ونسأل الله اللطف بقدرته اللطيفة) (٤)، قال الله ﷿: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨)[الذاريات: ١٧ - ١٨]، يديمون الصلاة إلى الأسحار، ثم يأخذون في الاستغفار، فهم ما أسلفوا الجرائم في ليلهم، لكن هذه من عادة الأبرار: الطاعة والأذكار والندم والاستغفار.

قيل لعطاء السلمي في مرضه الذي مات فيه: ما تشتهي؟ قال: ما ترك خوف جهنم في قلبي موضعًا للشهوات (٥). وقيل: إنه مكث أربعين سنة لم ينظر إلى السماء، فنظر يومًا، فسقط إلى الأرض، وانفتق في أمعائه فتق (٦).


(١) انظر «إحياء علوم الدين» ٢/ ٥٨.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) البداية والنهاية ١٠/ ١١٤.
(٤) ليست في (ق).
(٥) انظر «إحياء علوم الدين» ٤/ ١٨٥.
(٦) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» ٦/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>