للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سوء الخاتمة، والجنة له مقام، ومتى زاغ القلب وابتدع يخاف عليه، والله عزيز ذو انتقام، ونسأل الله تعالى الاستقامة، ولزوم السنة، والأمن من فزع يوم القيامة، فترى الصالحين كل منهم خائف حزين، يتأوه ويبكي ويئنُّ لإبهام الخاتمة، ولما تقدم من حديث سيد المرسلين. وقد أخبر عنهم رب العالمين بقوله: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٥) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦)[الطور: ٢٥ - ٢٦] أي: خائفين.

سمعت عائشة قارئًا يقرأ: ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧)[الطور: ٢٦ - ٢٧] فبكت وقالت: رب منَّ عليَّ وقني عذاب السموم (١).

وروي أن النبي استأذن عائشة وكانت ليلتها، وقام يصلي، وأطال القيام ثم الركوع ثم السجود، حتى ظنت عائشة أن الله سبحانه قبض نبيه في سجوده، ثم جلس يبكي في وقت السحر، فدخل عليه بلال وقال: أتبكي يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا» (٢).

وصحَّ أن ضحكه كان تبسمًا (٣)، وروي أنه قال لجبريل : «ما لي لا أراك ضاحكًا؟ فقال جبريل: يا محمد، ما ضحكت منذ خلقت النار» (٤).


(١) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٤٠٤٨)، والبيهقي في «شعب الإيمان» ٢/ ٣٧٥ بنحوه.
(٢) أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٦٢٠)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي » (ص ٢٠٠ - ٢٠١) من حديث عائشة .
وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٦٨).
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ٥/ ١٠٥ (٢١٠٠٤)، والترمذي في «جامعه» (٣٦٤٥)، وفي «الشمائل» (٢٢٦) من حديث جابر بن سمرة.
وورد من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء أخرجه الترمذي في «جامعه» (٣٦٤٢) وصححه الترمذي، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٤٨٦١).
(٤) أخرجه أحمد في «الزهد» (ص ٣٦) من حديث رباح قال: حُدِّثْت أنَّ النبي قال لجبريل : «لِم تأتني إلا وأنت صارٌّ بين عينيكَ؟ قال: إِني لم أضحك منذ خلقت النار». وهذا منقطع كما ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>