للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيوبخه الله تعالى كما فعل بالمؤمنين، ويوقعه في الذل والبعد والعذاب.

جاء رجل إلى أبي حنيفة وقال له: رأيتك البارحة في المنام وأنت في النار. قال له الإمام: ما تقول في هؤلاء الرهبان؟ قال الرجل: هم من أهل النار. قال أبو حنيفة: فقد يرى لهم بعض محبيهم أنهم في الجنة (من قوة المحبة) (١) وأنت تبغضني؛ فلأجل ذلك رأيتني في النار (٢).

قال المؤلف: قال لي من أثق بقوله: إن الشيخ إبراهيم بن معضاد الجَعْبِرِيُّ قال في ميعاده للحاضرين: مكثتُ مدَّة أسأل الله تعالى أن يريني النبي في منامي، فرأيته ليلةً (٣) على صفة رجل كرديٍّ، فأصبحت مهمومًا من هذه الرؤيا، وقلت في نفسي: النبي عربيٌّ، فكيف رأيته (أنا على) (٤) هذه الصفة؟! فدعوتُ الله تعالى أن يكشف لي عن حقيقة هذا الأمر، فبينما أنا سائرٌ في بعض شوارع المدينة بديار مصرَ، وإذا بضربةٍ بين كتفيَّ، فالتفتُّ وإذا هو رجل حَرْفُوشٌ على رأسه طُرْطُورٌ (٥)، فقال لي: ما


(١) ليست في (ق، ب).
(٢) لم أقف على هذه الحكاية.
(٣) في (ق): .
(٤) في (ق): في.
(٥) الحرفوش وجمعه: الحرافيش يفهم من استخدام الكتاب لهذه اللفظة في عصر المماليك أنهم يريدون بها الرجل التافه، سخيف العقل، من دهماء العامة أو الرعاع. ولعلها من احرنفش: إذا تهيأ للشر، أو من الحرنفش وهو الغليظ الجافي الطبع. انظر تعليق المحقق على «نهاية الأرب» للنويري ٣٣/ ١٨.
وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» ٥٢/ ٤٨٠ في ترجمة عبد الله الفاتولة الحلبي، ثم الدمشقي: شيخ مسنٌّ، حرفوشٌ، مكشوف الرأس، عليه دلق وقبق وسخ من رقاع، وله مجمرة يتوضأ بها، ويجلس عند قناة عقبة الكتان، ويكابد البرد والمشقة، ولا يسأل أحدًا فيما علمت، ولا يقرب الصلاة، وعقله ثابت، ورأيتهم يذكرون له كرامات وكشف من بابة كشف الرهبان والكهان، وكان الصبيان يعبثون به فيزط عليهم. توفي في شوال سنة (٧٠٠)، وصلِّي عليه بجامع دمشق عقيب الجمعة، وازدحم الناس على نعشه، وكانت جنازته مشهودة، وكان لهم فيه اعتقاد، ويعدونه من عقلاء المجانين، ودفن بالجبل بتربة المولَّهين!
وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» ١٣/ ٣٧٠ في وفيات سنة (٦٨٨): العالمُ ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>